منذ أن تربع جلالة الملك محمد السادس على عرش المملكة المغربية سنة 1999، انطلقت مرحلة تاريخية جديدة حافلة بالإصلاحات الجوهرية والتحولات الاستراتيجية التي مست شتى مجالات الحياة. فقد قاد جلالته البلاد برؤية متبصّرة، جمعت بين الوفاء للثوابت الوطنية والانفتاح على آفاق المستقبل، مُرسخًا بذلك أسس مغرب حديث، متوازن، وفاعل في محيطه الإقليمي والدولي.
ففي ظل القيادة الملكية، شهد الاقتصاد المغربي دينامية غير مسبوقة، ارتكزت على تنويع القطاعات وتحفيز الاستثمارات. شُيدت مناطق صناعية حديثة، وبرز المغرب كمركز لوجستي واستثماري استراتيجي، خصوصًا مع صعود مشاريع كـطنجة المتوسط والقطار فائق السرعة البُراق. كما ساهمت السياسات الاقتصادية في تعزيز السيادة الإنتاجية، والسير بخطى ثابتة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي ومكانة تنافسية في الاقتصاد العالمي.
و أولى جلالة الملك أهمية كبرى لتحسين القطاع الصحي، إدراكًا لكونه ركيزة أساسية لكرامة المواطن. شُيّدت مستشفيات حديثة ومراكز طبية متخصصة، وتم تعزيز التغطية الصحية الشاملة لتشمل مختلف الفئات، بما في ذلك الفئات الهشة. كما تم إطلاق برامج لمحاربة الأمراض وتوفير خدمات صحية قريبة من المواطنين، خاصة في المناطق النائية.
كما شهد القطاع الصناعي تطورًا لافتًا بفضل التوجيهات الملكية الهادفة إلى تحديث البنية الصناعية وتشجيع الابتكار والتكنولوجيا. وقد تم دعم الصناعات الناشئة، مثل السيارات والطيران، وتحفيز البحث العلمي، مما أسهم في خلق فرص عمل وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.
في مجال البيئة والطاقة، رسخ الملك محمد السادس موقع المغرب كدولة رائدة في الطاقة المتجددة، من خلال مشاريع ضخمة مثل محطة نور للطاقة الشمسية. كما أُطلقت مبادرات كبرى لإدارة المياه، وإعادة التشجير، وحماية التنوع البيولوجي، مما جعل من المغرب نموذجًا في مواجهة تحديات التغير المناخي.
تحت الرعاية الملكية، تحولت الرياضة إلى أداة لتقوية اللحمة الوطنية وتعزيز صورة المغرب في المحافل العالمية. فقد نظّم المغرب تظاهرات رياضية كبرى، وحقق إنجازات رياضية مشرفة، أبرزها تأهل المنتخب الوطني لنصف نهائي كأس العالم 2022، الذي شكّل لحظة تاريخية في الكرة الإفريقية والعربية.
و استطاع جلالة الملك أن يرسخ مكانة المغرب كفاعل محوري في العلاقات الدولية، عبر تعزيز الشراكات الثنائية والمتعددة الأطراف. وتميزت الدبلوماسية الملكية بالحكمة والبراغماتية، ما مكّن المملكة من لعب أدوار متقدمة في قضايا التنمية، الأمن، والهجرة، إلى جانب تعميق روابط التعاون مع دول الجنوب.
لقد كان الملك محمد السادس حازمًا دائما في الدفاع عن وحدة التراب الوطني، خاصة في ملف الصحراء المغربية. فإلى جانب الجهود الدبلوماسية الرصينة، شهدت الأقاليم الجنوبية نهضة عمرانية وتنموية شاملة، حولتها إلى أقطاب اقتصادية صاعدة. بُنيت البنية التحتية، وتم تنفيذ مشاريع اجتماعية واقتصادية كبرى، ما رفع من جودة الحياة وكرّس الارتباط العميق للسكان بالمملكة.
قائد التحديث ورمز الوفاء للوطن
لقد تجسدت مسيرة جلالة الملك محمد السادس في مزيج فريد من الحداثة والهوية، ومن الحكمة والتجديد. فقد نجح خلال أكثر من عقدين في إرساء أسس مغرب قوي، متماسك، ومتقدم. ومهما تنوعت ميادين الإنجاز، تبقى الخيط الناظم لها جميعًا هو حب الملك لوطنه وتفانيه في خدمة شعبه. بذلك، يظل محمد السادس رمزًا للقيادة المستنيرة والوفاء الوطني الراسخ