كشفت تسريبات من تقارير تفتيش أنجزتها لجان تابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية، عن وجود اختلالات مالية وتدبيرية خطيرة داخل المجلس الإقليمي لبرشيد. هذه اللجان حلت بالمجلس قبل عدة أشهر، وأجرت افتحاصًا دقيقًا شمل عدداً من الصفقات والممارسات الإدارية المثيرة للشك.
وبحسب معطيات حصلت عليها “يقين 24” من مصادر مطلعة، فقد رصد المفتشون سند طلب بقيمة 50 مليون سنتيم لتوريد مستلزمات وتجهيزات مكتبية تبين أنها غير موجودة فعليًا. وأمام هذا الوضع، لجأت بعض الجهات داخل المجلس إلى اقتناء تجهيزات بشكل استعجالي من مكتبة خلال ساعات الليل، في محاولة لتدارك الأمر وتفادي المساءلة.
كما سجلت التقارير، حسب نفس المصادر، الاستعانة بشركة طعامة في ملكية صهر رئيس مجلس سابق لتأمين مناسبات ذات طابع شخصي، ليتم لاحقًا فوترتها من ميزانية المجلس. وشملت الملاحظات كذلك سوء تدبير بطاقات التزود بالوقود، وتجاوزات قام بها نواب للرئيس في استعمالها، مما دفع عامل إقليم برشيد إلى إصدار أوامر بتجريد ثلاثة نواب من سيارات المصلحة نتيجة استغلالها في غير المهام الرسمية.
وركز المفتشون في تقاريرهم على تدقيق عدد من الوثائق والمستندات المحاسبية العائدة لسنتي 2022 و2023، شملت تدبير المجلس خلال الولاية السابقة. ومن أبرز ما تم رصده، صفقة لبناء حديقة أمام الملعب البلدي بتكلفة تصل إلى 200 مليون سنتيم، حيث تم تفويتها لإحدى الشركات الخاصة، قبل أن يرفض الرئيس الحالي التأشير على إنجازها.
ومن بين أبرز الخروقات المسجلة، الإفراط في استعمال سندات الطلب لتغطية صفقات مختلفة، في انتهاك واضح للمادة 88 من المرسوم رقم 2.12.349 المتعلق بالصفقات العمومية، والتي تُلزم بضرورة فتح المنافسة المسبقة وتحديد المواصفات الدقيقة. كما كشفت التقارير احتكار عدد محدود من الشركات للصفقات لعدة سنوات، في ظل منافسات شكلية دون إجراء استشارات مكتوبة حقيقية، مع وجود بيانات أثمان غير مرقمة أو مؤرخة.
وامتد افتحاص اللجان ليشمل صفقة مشبوهة تتعلق بإنارة جزء من شارع محمد الخامس ببرشيد، حيث أُدرجت ملاحظات بشأنها ضمن تقارير التفتيش، التي أشارت كذلك إلى تضارب مصالح صارخ بخصوص منحة مالية قدرها 400 مليون سنتيم مُنحت لفريق يوسفية برشيد، الذي كان يرأسه آنذاك رئيس المجلس وصوت بنفسه لصالح المنحة.
ووفق نفس المصادر لـ”يقين 24”، تجاوزت التقارير حدود جماعة برشيد لتشمل صفقات أخرى كصفقة مطرح النفايات بجماعة حد السوالم، بالإضافة إلى صفقة إعادة تأهيل الملعب البلدي ببرشيد، والتي شملت إنجاز أشغال متعلقة بالإنارة والمستودعات، إلى جانب بناء فضاء “صونا” وإصلاح مقاعد ومدرجات المتفرجين