أثار قرار مجلس جماعة سلا تفويت أربع مدارس عمومية إلى تعاونية خاصة موجة جدل واسع في الأوساط المحلية، وسط دعوات من فعاليات مدنية ونقابية إلى فتح تحقيق عاجل للكشف عن ظروف وملابسات هذا الإجراء، وتحديد مدى قانونيته وانعكاساته على المرفق التعليمي العمومي.
وبحسب معطيات متداولة، فإن المدارس الأربع التي تم تفويتها كانت تابعة للمجال الترابي للجماعة، وكانت تقدم خدمات تعليمية لفائدة أبناء الأسر ذات الدخل المحدود. غير أن عملية التفويت، التي وُصفت بـ«غير الشفافة»، أثارت تساؤلات حول المعايير التي تم اعتمادها لاختيار التعاونية المستفيدة، وحول مصير التلاميذ الذين كانوا يتابعون دراستهم بهذه المؤسسات.
وأشارت مصادر محلية إلى أن التعاونية التي حصلت على حق استغلال المدارس هي نفسها التي تدير مشاريع أخرى مثيرة للجدل داخل الجماعة، ما دفع عددا من المنتخبين إلى المطالبة بإدراج الملف ضمن جدول أعمال الدورات المقبلة لمجلس المدينة، مع تفعيل مسطرة المساءلة والمحاسبة.
وفي السياق نفسه، عبرت جمعيات أولياء التلاميذ عن قلقها من أن يتحول هذا القرار إلى سابقة تمهد لتفويت مزيد من المؤسسات العمومية إلى جهات خاصة، بما قد يمس بمبدأ المجانية وتكافؤ الفرص في التعليم. كما طالبت بتمكين الرأي العام من جميع الوثائق والعقود المتعلقة بعملية التفويت، وإشراك السكان في أي قرار يخص المرافق التعليمية العمومية.
من جانبه، دعا فريق العدالة والتنمية إلى إحالة الملف برمته على القضاء، للتحقيق في جميع العقود الموقعة منذ 2014، خصوصا أن أول عقد – في عهد العمدة الأسبق نور الدين الأزرق – منح التعاونية استغلال مدرسة لمدة 99 سنة مقابل 1000 درهم فقط في السنة الأولى، قبل أن تتوالى عقود أخرى بشروط اعتُبرت «محابية».
بدورها طالبت جمعيات محلية السلطات الوصية والنيابة العامة بالتدخل العاجل، معتبرة أن استمرار هذه العقود دون مراجعة أو محاسبة يشكل مساسا بحماية المال العام، ويفتح الباب أمام استغلال غير مشروع للمؤسسات التعليمية.
ويأتي هذا الملف في وقت تشهد فيه مدينة سلا تحديات متزايدة على مستوى البنية التحتية التعليمية، مع تسجيل اكتظاظ حاد في الأقسام، ونقص في الأطر التربوية، وغياب مساحات كافية للأنشطة الموازية، وهو ما يثير تساؤلات حول أولوية الاستثمار في دعم التعليم العمومي بدل تقليص وعائه المؤسساتي.