في خضم الإحتفالات الوطنية بعيد العرش المجيد وعيد الشباب، التي تُعد من أبرز المناسبات التي تجمع المغاربة حول رموزهم التاريخية والوطنية، شهدت مقاطعة الحي المحمدي تنظيم سهرات ومهرجانات فنية وثقافية، أبرزها مهرجان “الظاهرة الغيوانية”، الذي استقطب جمهورًا واسعًا واهتمامًا إعلاميًا ملحوظًا. غير أن خلف أضواء المنصة الإدارية، برزت إشكالات تدبيرية أثارت نقاشًا واسعًا داخل الأوساط المنتخبة والثقافية، خاصة بعد صدور توضيحات من نائب رئيس المقاطعة ، السيد «مروان الراشدي» المكلف بالشأن الثقافي والرياضي ..
في بيان توضيحي نشره على صفحته الرسمية عبر وسائل التواصل، أكد نائب رئيس المقاطعة أنه لم يُشرك لا من قريب ولا من بعيد في الإعداد الفني أو المالي للسهرتين الرسميتين، عند قوله “لم أُشرك في تدبير الأنشطة رغم التفويض”. رغم أن التفويض الإداري يمنحه صلاحيات واضحة في هذا المجال. وأوضح أن السيد الرئيس أصر على الإشراف الشخصي والمنفرد على التنظيم، متجاوزًا بذلك مبدأ التشاركية الذي يُفترض أن يُؤطر العمل الجماعي داخل المجالس المنتخبة.
مضيفا أن انخراطه في إنجاح الفعاليات وحضوره جاء من باب الواجب الوطني والمؤسساتي، وليس نتيجة مشاركة فعلية في اتخاذ القرار أو تدبير الموارد، وهو ما يفرض عليه توضيح الصورة للرأي العام، خاصة في ظل تداول مغلوط لبعض المعطيات عبر وسائل التواصل.
من أبرز النقاط التي أثارها نائب الرئيس، الطريقة التي تم بها التعامل مع الفنانين أبناء الحي المحمدي، الذين يُعدّون من رموز الثقافة الشعبية المغربية. فقد تم اختيار بعض الأسماء دون الرجوع إلى لائحة الفنانين المحليين أو إشراك الجمعيات الثقافية في عملية الانتقاء، ما خلق نوعًا من التذمر داخل الوسط الفني المحلي، خاصة في ظل غياب معايير واضحة لتحديد الأجور والمشاركة. “أي أن الفنان المحلي بين التهميش والإنتقائية “.هذا ما أشار إليه النائب بأن هذه الإشكالية ستُطرح للنقاش لاحقًا داخل المجلس، بهدف إعادة النظر في آليات الدعم والتكريم، وضمان إنصاف الفنانين الذين ساهموا في بناء الذاكرة الثقافية للحي
وفي سياق الرد، أثارت خرجة الرئيس من خلال صفحته الرسمية،عبر وسائل التواصل، بأن السيد مروان الراشدي، خلق جدلًا واسعًا بعد أن عبّر عن استيائه من طريقة تدبير المهرجان، رغم حضوره في جميع مراحل التحضير، من الاجتماعات الأولية إلى الندوة الصحفية، وتحديد أجر أحد الفنانين المشاركين. وقد اعتبر أن توقيت الاحتجاج لم يكن موفقًا، وكان من الأفضل طرح الموضوع داخل المجلس قبل انطلاق الفعاليات، حفاظًا على وحدة الصف وتفاديًا لأي تشويش على نجاح النسخة الحالية.
ـ ما حدث في مقاطعة الحي المحمدي ليس مجرد خلاف إداري، بل يعكس خللًا بنيويًا في طريقة تدبير الشأن الثقافي المحلي، ويطرح ضرورة مراجعة العلاقة بين المنتخبين، والفنانين، والمجتمع المدني. فالمناسبات الوطنية ليست فقط لحظات احتفال، بل أيضًا فرص لتجسيد قيم الديمقراطية التشاركية، والاعتراف بالمجهودات الجماعية، والاحتفاء بالهوية الثقافية المحلية.
ربما آن الأوان لصياغة ميثاق ثقافي محلي يُلزم الجميع باحترام التفويضات، ويضمن إشراك الفاعلين الحقيقيين في كل خطوة، حتى لا تتحول الاحتفالات إلى مناسبات للتهميش بدل التكريم.