تتواصل فصول ما بات يُعرف بفضيحة “مركز الاستقبال والتكوين المستمر” بمدينة سيدي قاسم، بعد كشف تقرير رسمي معطيات خطيرة تتعلق بتحويل هذا المركز إلى فندق تم بناؤه بدون ترخيص، فوق عقار تابع لأملاك الدولة، وجزء منه يشغل طرقًا عمومية، ما يورط برلمانيا حاليًا وشخصيات أخرى في تجاوزات قانونية جسيمة.
المعطيات التي تضمنها تقرير المجلس الجهوي للحسابات تفيد بأن سعد بن زروال، الرئيس السابق للمجلس الإقليمي لسيدي قاسم والنائب البرلماني الحالي باسم حزب الأصالة والمعاصرة، أشرف بشكل مباشر على تنفيذ مشروع بناء المركز دون الحصول على الرخص القانونية، رغم رفض لجنة دراسة المشاريع الترخيص له، بسبب عدم توفر وثائق الملكية، وكون جزء من المشروع يقع فوق أملاك الدولة وطرق عمومية.
المشروع انطلق بموجب اتفاقية شراكة موقعة بتاريخ 15 دجنبر 2016، بين عدد من المؤسسات الجهوية والمحلية في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكان الهدف منه إتمام أشغال مركز الاستقبال والتكوين، وتطوير الكفاءات الاجتماعية، غير أن الأشغال التي أشرف عليها بن زروال تحولت إلى بناء فندق، في غياب الشروط القانونية، وهو ما دفع لجنة إقليمية مختلطة إلى إصدار قرار بإغلاقه مؤخرًا.
التقرير رصد صفقات متعددة أنجزها كل من سعد بن زروال خلال الفترة 2018-2021، وشقيقه بنعيسى بن زروال، الرئيس الحالي للمجلس الإقليمي، لإنجاز الأشغال، تجاوز مجموعها 12 مليون درهم. وتم تنفيذها رغم عدم صدور أي ترخيص قانوني بالبناء أو تخصيص العقار بشكل رسمي لهذا المشروع، ما يطرح علامات استفهام حول دور الرقابة والجهات المتدخلة في المشروع.
وبحسب التقرير، فإن العقار موضوع النزاع، الذي يحمل الرسم العقاري 515/R، يندرج ضمن الأملاك الخاصة للدولة، ويخضع لعقد تخصيص لفائدة مؤسسة التعاون الوطني منذ سنة 2011، قصد إنجاز مركز اجتماعي متعدد الوظائف، ما يعني أن أي بناء أو تغيير في طبيعة الاستغلال يستوجب موافقة مسبقة من مديرية أملاك الدولة، وهو ما لم يتم احترامه.
الأشغال تمت بتتبع من مهندس معماري تعاقد معه المجلس الإقليمي، رغم علمه بعدم توفر المشروع على الترخيص، واعتماده تصاميم غير مرخصة في تتبع مراحل الإنجاز، كما استمر في إشرافه مقابل تعويضات مالية مدرجة ضمن صفقة أبرمت سنة 2017، في مخالفة صريحة لمقتضيات قانون التعمير.
وتؤكد المادة 64 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير أن أي إنجاز لبناء فوق أملاك الدولة، سواء كانت عامة أو خاصة، يتطلب الحصول على ترخيص مسبق من السلطات الوصية، وهو ما لم يتم احترامه من طرف رئيس المجلس السابق، الذي أقدم على تنفيذ الأشغال دون ترخيص ودون سلك المساطر القانونية، في خرق واضح للقوانين الجاري بها العمل.
ويكشف هذا الملف عن خلل بنيوي في تدبير المشاريع العمومية، وضعف آليات الرقابة، خاصة عندما يتورط منتخبون ومسؤولون في تحويل مشاريع ذات طابع اجتماعي إلى مشاريع ذات طابع تجاري في غياب الشفافية، ما يستدعي فتح تحقيق شامل وترتيب المسؤوليات القانونية في هذه القضية.
المصدر: جريدة “الأخبار”