محسن خيير
في خرجة مثيرة للسخرية أكثر مما هي مثيرة للجدل، خرج رئيس جماعة لكطاية بإقليم بني ملال، المنتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار، عبر الصفحة الرسمية للجماعة على موقع فيسبوك، ليتباهى علانية بقراره منع الصحافة من تغطية أشغال المجلس. لم يكتف الرئيس بالمنع، بل واصل هجومه باتهام الصحفيين بأنهم “يخدمون أجندات سياسية”، متناسيا أن الديمقراطية لا يمكن أن تقوم على منطق الشك والاتهام المجاني.
الرئيس، وهو يفترض أن يكون خادما للشأن المحلي، ظهر في الفيديو وكأنه خصم لدود للصحافة، لا شريك لها، ملوحا بـ المادة 43 من النظام الداخلي كذريعة واهية، وكأنها أقوى من الفصلين 27 و28 من دستور 2011 اللذين يضمنان الحق في المعلومة وحرية الصحافة، وأقوى من المادة 48 من القانون التنظيمي 113.14 التي تنص بوضوح على أن جلسات المجالس علنية ولا تكون سرية إلا في حالات استثنائية وبقرار معلل من المجلس نفسه.
ولأن من يمنع الصحافة إنما يخاف الحقيقة، فإننا نذكر هذا الرئيس بما جاء في الرسالة الملكية الموجهة إلى أسرة الصحافة والإعلام بمناسبة اليوم الوطني للإعلام: الصحافي فاعل أساسي في الحياة العامة الوطنية وشريك لا محيد عنه في بناء الصرح الديمقراطي.
المفارقة الصادمة أن الرئيس نفسه، الذي يتهم الصحفيين اليوم بخدمة أجندات، كان بالأمس يستفيد من تغطياتهم ويفرح بتصفيقهم على “إنجازاته”، قبل أن يكتشفوا – كما اكتشف المواطنون – أن تلك الإنجازات ليست سوى وعودا فارغة وخطابا منفوخا لا يسمن ولا يغني من جوع. وما أن تحولت أقلام الصحافة إلى مرآة تعكس الحقيقة، حتى اختار الرئيس سلوك طريق التضييق والتشهير، في محاولة يائسة لإسكات النقد.
إن تباهي رئيس جماعة ينتمي إلى حزب يقود الحكومة بمنع الصحافة، وتبريره لممارسته غير القانونية، يشكل سقطة أخلاقية وسياسية بامتياز. كيف يمكن لحزب يرفع شعارات التنمية والديمقراطية أن يقبل بمسؤولين محليين يقودون تجربة تسيير جماعي بعقلية استبدادية؟ وكيف يمكن للمواطن أن يثق في مؤسسة تتفاخر رسميا بخرق الدستور وتكميم الأفواه؟
لقد كشف رئيس جماعة لكطاية عن عجزه السياسي وافتقاره لأدنى روح ديمقراطية. ومن يهاب الصحافة ويخشى النقد، لا يستحق أن يقود مؤسسة منتخبة تمثل المواطنين. فالديمقراطية التمثيلية تقوم على الشفافية والمساءلة، لا على تضليل الرأي العام ولا على محاولات عبثية لتأويل قوانين داخلية ضد نصوص دستورية سامية.