لم يعد النقاش حول وضعية سيارات الاجرة الصغيرة في مدينة بني ملال مجرد انتقادات فردية، بل تحول الى ظاهرة موثقة يوميا بشكايات المواطنين وتعاليقهم على منصات التواصل الاجتماعي. فبدل ان يكون الطاكسي الصغير مرفقا عموميا في خدمة الساكنة، صار عنوانا للفوضى وسلوكيات غير مهنية لا تليق بمدينة لها مكانة جهوية.
فالى جانب الحالة الميكانيكية المتردية لعدد من المركبات، والتي تسيء لصورة النقل الحضري، يواجه المواطن معضلة اكبر: سائق يفرض منطقه الخاص ويختار من يقل واين يتوقف، وكأن الخدمة العمومية تحولت الى مجال شخصي يخضع للامزجة.
هذه الممارسات لم تعد مجرد حالات معزولة بل واقع متكرر. و التجربة شخصية خير دليل: اكثر من مرة وجدت نفسي برفقة شخص واحد و إبني الذي لا يتجاوز الثلاث سنوات، اشرنا لطاكسي فارغ تجاوزنا بهدوء معتذرا بحجة عدم امكانية نقلنا ، لكنه بعد امتار قليلة يتوقف لفتاتين ويقلهما دون تردد. وعندما توجهت قصد استفساره كان الرد صادما: “ماشي فطريقي”، لينتهي الامر بمشادات كلامية ، ليقف بعدها سائق طاكسي آخر معتذرا نيابة عنه و يستنكر تصرف زميله قائلا “يدير غي بوجه الدري الصغير اللي معاكم ” هي صورة تختزل كيف اصبح المواطن هو الحلقة الاضعف، في حين صار السائق من يقرر متى ومع من و أين يعمل.
التعاليق التي يتداولها المواطنون على مواقع التواصل على بلاغ التنسيقية الأخيرتعكس بوضوح هذا الاحتقان. فهناك من يشير الى ان “شوافرية بني ملال مكايعرفو غير الاضراب”، وآخر يذكر بان “فيات اونو مازالت خدامة”، بينما يؤكد البعض ان “السائقين كيديرو للي عجبهم” وان “المهنة تحولت الى ابتزاز”. مواطنون آخرون يذهبون ابعد من ذلك حين
يطالبون بسحب رخصة الثقة من كل سائق يثبت تورطه في هذه الممارسات، معتبرين ان غياب المراقبة فتح الباب واسعا امام التسيب.

امام هذا الوضع لم يعد الاصلاح خيارا مؤجلا. بل المطلوب اليوم تدخل عاجل من السلطات الولائية والوصية عبر:
•فرض مراقبة تقنية شاملة على الاسطول وابعاد المركبات غير الصالحة
•الزام السائقين باحترام واجب الخدمة العمومية تحت طائلة العقوبات
•اعتماد برامج تكوين مستمرة تعيد الاعتبار للمهنية
•والاهم: الترخيص بشكل سريع وعاجل لسيارات الاجرة من الصنف الاول للعمل داخل المدار الحضري، بما يخلق تنافسية حقيقية تحسن جودة الخدمة وتنهي زمن الاحتكار

ان بني ملال لا تستحق ان تبقى اسيرة سيارات متهالكة وسلوكيات مزاجية، بل هي في امس الحاجة الى نقل حضري عصري يليق بتاريخها وكرامة ساكنتها.

