حليم عثمان
رغم موقعه الاستراتيجي وأهميته الاقتصادية والسياحية، لا يزال مطار بني ملال يعاني من تهميش على مستوى البنية التحتية والربط الجوي، الأمر الذي يفرض ضرورة توسعته وتطويره ليصبح قطباً جوياً حقيقياً.
إن النهوض بهذا المطار يتطلب رؤية شمولية تدمجه ضمن شبكة متكاملة من البنيات التحتية الطرقية والسككية. فالتسريع بإنجاز الطريق السيار الرابط بين مراكش وبني ملال، ثم بني ملال وفاس، من شأنه أن يربط الجهة بمحورين حيويين هما فاس-مكناس ومراكش-آسفي. كما أن الطريق السيار المزمع إنجازه بين ميدلت وخنيفرة سيعزز الربط مع جهة درعة-تافيلالت، إلى جانب الطريق الحالي المؤدي إلى الدار البيضاء، وهو ما سيجعل المطار نقطة التقاء طبيعية لساكنة عدة جهات ويوسع قاعدة مستعمليه، بما يعزز جاذبيته ويمنحه موقعاً استراتيجياً داخل شبكة المطارات الوطنية.
وإلى جانب الطرق السيارة، فإن مشروع تمديد الخط السككي من خريبكة إلى مدينة بني ملال يشكل بدوره تحولاً نوعياً في تعزيز مكانة المطار، خاصة في إطار مشروع توسيع الخدمات السككية في أفق 2040، والذي يشمل الربط بين مراكش وبني ملال وخنيفرة وصولاً إلى فاس. كما أن ربط المطار بالنقل السككي سيشكل خطوة أساسية لتسهيل تنقل المواطنين، إذ سيوفر خيارات عصرية وسريعة، ويضع المطار في متناول ساكنة مختلف المدن المجاورة، مما سيزيد من حيويته وتنافسيته وطنياً.
غير أن المثير للاستغراب هو أن مثل هذه المشاريع يتم إطلاقها في العديد من المطارات المغربية، بينما يظل مطار بني ملال مهمشاً وموسمياً، وكأنه خارج خريطة التنمية الوطنية، في تناقض واضح مع التوجهات الملكية الرامية إلى تحقيق العدالة المجالية. وقد شدد جلالة الملك محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش قائلاً:
“شعبي العزيز، لقد حان الوقت لإحداث نقلة حقيقية، في التأهيل الشامل للمجالات الترابية، وتدارك الفوارق الاجتماعية والمجالية. لذلك ندعو إلى الانتقال من المقاربات التقليدية للتنمية الاجتماعية، إلى مقاربة للتنمية المجالية المندمجة. هدفنا أن تشمل ثمار التقدم والتنمية كل المواطنين، في جميع المناطق والجهات، دون تمييز أو إقصاء.”
لقد كان الخطاب الملكي واضحاً في التأكيد على أن التنمية يجب أن تشمل جميع جهات المملكة وفق مبدأ العدالة المجالية، بما يضمن لكل مدينة نصيبها العادل من الاستثمارات والمبادرات التنموية. ومن هذا المنطلق، فقد حان الوقت للالتفات إلى مطار بني ملال، الذي لا يستحق أن يبقى مهمشاً وموسمياً، بل جدير بأن يتحول إلى رافعة حقيقية للتنمية الجهوية وقطب جوي استراتيجي يخدم المصلحة الوطنية. وإن كان جلالة الملك هو الحريص الأول على تنمية كل ربوع البلاد، فإن المسؤولية اليوم تقع على عاتق والي جهة بني ملال-خنيفرة، ومعه المسؤولون المحليون والجهويون، للترافع بقوة من أجل إخراج مشاريع كبرى تعطي للمطار المكانة التي يستحقها، حتى لا يبقى المغرب بسرعتين، بل يسير بسرعة واحدة تحقق العدالة والإنصاف لكل مناطقه.