يواجه مجلس الأعمال الاجتماعية التابع لـ المكتب الوطني للكهرباء عاصفة من الاتهامات الخطيرة، بعد بروز معطيات دقيقة تشير إلى شبهات فساد مالي وإداري واسعة النطاق، تورط فيها موظف بارز شغل سابقًا مهمة مراقبة التسيير والحسابات داخل المؤسسة.
وبحسب رسالة وُجّهت إلى عدد من الأجهزة الرقابية الوطنية، من بينها المجلس الأعلى للحسابات والهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، فإن المعني بالأمر يشتبه في لعبه دورًا محوريًا في تمرير صفقات عمومية لفائدة شركات عائلية يمتلكها مع شقيقه وصهره، الذي يشتغل بدوره في إدارة المكتب.
وتكشف الشكاية أن هذه الشركات استفادت من عقود تتعلق بخدمات الأمن الخاص والتنظيف داخل مراكز الاصطياف التابعة للكهربائيين، في غياب منافسة حقيقية وعدم احترام لمقتضيات الصفقات العمومية. وتشير المعطيات إلى أن هذه العمليات تمت بتسهيلات داخلية، ما يطرح شبهة وجود شبكة منظمة تتحكم في مسارات الصفقات.
الوثائق نفسها تؤكد أن تتبع مسار هذه الصفقات ممكن تقنيًا عبر نظام SAP المعتمد في المكتب، الأمر الذي يجعل التحقق من صحة الادعاءات أمراً متاحاً لأي تحقيق مالي مستقل.
كما تتضمن الشكاية اتهامات بالتحايل على التصريح بالممتلكات، إذ يُشتبه في قيام المعني بالأمر بنقل ملكية عدد من الأصول العقارية لأفراد عائلته بغرض التمويه على السلطات الرقابية. وتشمل هذه الأصول ضيعة فلاحية مساحتها 16 هكتارًا، وعقارات راقية في مدن المحمدية وطنجة ومراكش، إضافة إلى مكاتب وشقق وممتلكات أخرى تقدّر قيمتها بما يفوق ستة ملايين درهم، وهو رقم يتجاوز بكثير دخله كمستخدم في مؤسسة عمومية.
ورغم هذه الشبهات، تشير الوثائق إلى أن المسؤول المعني عاد مؤخراً لتولي مناصب حساسة داخل المجلس، من بينها رئاسة مصلحة الموارد البشرية ولجنة الصفقات، فضلاً عن موقعه كمستشار فعلي لرئيس المجلس، ما يُنظر إليه كمحاولة لإعادة تشكيل شبكة نفوذ داخل المؤسسة.
مقاولون متعاملون مع المجلس تحدثوا بدورهم عن تعرضهم لضغوط وابتزاز مالي مقابل تسريع تسوية مستحقاتهم، في ممارسات تندرج ضمن جرائم الرشوة واستغلال النفوذ المنصوص عليها في القانون المغربي.
الرسالة الموجهة إلى الهيئات الرقابية ختمت بدعوة عاجلة إلى فتح تحقيق شامل وتعليق مهام المسؤول المشتبه فيه، مع إيفاد لجنة مالية مستقلة لتدقيق جميع العقود والصفقات المبرمة، تحسبًا لأي محاولة لطمس معالم الفساد.
وتأتي هذه التطورات في وقت يُتداول فيه أن المسؤول المعني يستعد لتأسيس جمعية جديدة للأعمال الاجتماعية، ما يثير مخاوف من إعادة إنتاج نفس منظومة الفساد تحت يافطة جديدة. وهو ما دفع أصواتًا داخل القطاع للمطالبة بتدخل فوري من أجهزة الرقابة لحماية المال العام وصون سمعة قطاع الكهرباء باعتباره ركيزة استراتيجية للاقتصاد الوطني

