الدار البيضاء – الحي الحسني
يقين 24 – لخضر حمزة
في مدينة بحجم الدار البيضاء، لا يُفترض أن تكون البنية التحتية مجالًا للمفاجآت، ولا ينبغي أن تتحول الشوارع الجديدة إلى مسرحٍ لانهيارات موسمية تُعيدنا خطوات إلى الوراء. ومع ذلك، وقفت ساكنة الحي الحسني هذا الشتاء أمام مشهد غير مألوف: طريق حديث التهيئة يتهاوى، أشجار تُقتلع، بالوعات تفيض، وحفر تتكاثر بسرعة تثير أكثر من علامة استفهام.
شارع الحي الحسني—الذي كان يفترض أن يكون نموذجًا حضريًا معاصرًا—فشل في أول امتحان حقيقي. وكأن المشروع بُني على معايير لا تصمد أمام المطر، أو ربما على مراقبة لم تكن بالصرامة المطلوبة. وقد عبّر أحد المواطنين، بمرارة واستغراب، قائلاً:
“لا يعقل أن شارعًا لم يكمل عامه الأول ينهار بهذه الطريقة… هذا مال عام، ومن حقنا نعرف شنو وقع.”
في مقابل هذا المشهد، يقف شارع بوعبيد في الناحية الأخرى من المدينة بثباتٍ واضح؛ شارع مُأنجز بذقة وجودة عالية، لم تظهر عليه لا حفرة ولا فيضان، رغم نفس الظروف المناخية ونفس الأمطار التي ضربت البيضاء. مشهدان متناقضان في نفس المدينة… بل في نفس المنطق الحضري تقريبًا.
ولأن المفارقة لا يمكن تجاهلها، فإن أسئلة الساكنة تتدفق اليوم كالسيل:
أين قطاع الأغراس حين سقطت الأشجار؟
أين الشركة الجهوية لتعدد الخدمات حين فاضت المياه؟
أين فرق المراقبة التقنية؟
أين المنتخبون، أين المستشارون، أين ممثلو المنطقة؟
ولماذا تختلف جودة المشاريع داخل نفس المدينة بهذا الشكل الفاضح؟
هذه ليست أسئلة غضب… بل أسئلة مرافعة يطرحها المواطن باسم حقه الدستوري في مدينة عادلة، آمنة، تحترم كرامته وماله العام.
واليوم، ومع تزايد الشكاوى، يؤكد مواطنون من الحي الحسني—وبصوت مسؤول—أنهم يطالبون والي جهة الدار البيضاء–سطات بالتدخل العاجل لفتح تحقيق إداري وتقني يقف على حقيقة ما وقع، ويحدد مكامن الخلل، ويضمن أن لا يُعاد إنتاج نفس السيناريو في شوارع أخرى.
إن الدار البيضاء لا تحتاج إلى كثير من الكلمات… بل تحتاج إلى يقظة، متابعة، ورقابة حقيقية. تحتاج إلى أن تكون جميع مشاريعها، في كل الأحياء، خاضعة لنفس المعايير، ونفس الصرامة، ونفس الحكامة. تحتاج إلى عدالة مجالية لا تمنح شارعًا مهابة وجودة، وتترك آخر ينهار أمام أول زخّة مطر.
وفي النهاية، يبقى السؤال معلقًا… سؤال مواطن يحكي باسم آلاف:
“ما بغيناش نلوم… بغينا غير الحقيقة، وبغينا الوالي يسمع لنداء الساكنة قبل ما تعود نفس الكارثة من جديد.”


