نزار الصالحي.فاس
تكشف الخريطة الاستثمارية للفترة 2026–2028 عن تحول جذري مرتقب بجهة فاس–مكناس، حيث تُضَخ ميزانيات ضخمة في مشاريع نوعية تمس القطاعات الأساسية من الصحة والتعليم إلى الماء والطاقة والسكن والرياضة والثقافة. حصيلة ثلاث سنوات تبدو كبرنامج إعادة بناء شامل، يضع الجهة على عتبة مرحلة تنموية غير مسبوقة.
في قطاع الصحة، يتصدر المشروع الكبير لإعادة بناء المركز الاستشفائي الإقليمي بالحاجب المشهد، بكلفة 500 مليون درهم وطاقة استيعابية تبلغ 120 سريراً، ما سيعزز العرض الصحي ويوجه خدمات حديثة للمواطنين. وفي التعليم، تدخل المنظومة أكبر ورشة إصلاح بالجهة؛ عبر بناء 334 حجرة جديدة للتعليم الأولي، وتأهيل المؤسسات الرائدة، وبناء 32 مؤسسة تعليمية جديدة، وتوسيع المؤسسات القائمة بإضافة 225 قاعة و3 داخليات، بمبلغ يفوق 900 مليون درهم موزع على ثلاث سنوات.
القطاع الرياضي بدوره على موعد مع أهم مشروع قاعة مغطاة متعددة التخصصات بمدينة فاس، بطاقة 6.000 مقعد وبميزانية 200 مليون درهم، إضافة إلى ملاعب ومرافق موازية. أما في المجال الاقتصادي، فتُطلق الجهة منصة عصرية لتسويق الخضر والفواكه بتكلفة 160 مليون درهم، وهو مشروع يعيد تنظيم سلاسل التوزيع ويدعم تنافسية القطاع الفلاحي.
تتواصل المشاريع المتصلة بالهوية والتراث من خلال ترميم أسوار تازة العتيقة وتأهيل نسيجها التاريخي بميزانية 30 مليون درهم، وإحداث مركبين ثقافيين في أيت باها وتازة بكلفة إجمالية 22 مليون درهم، إضافة إلى مشروع نوعي للنهوض بالصناعة التقليدية بفاس ومكناس يهم تثمين منتجات الجلد والخشب بـ 10 ملايين درهم.
وتنفذ المؤسسات العمومية برامج استثمارية موازية بمبالغ ذات وزن ووقع. فقد خصص المكتب الوطني للماء والكهرباء 450 مليون درهم لتعزيز تزويد تازة ونواحيها بالماء، فيما تقوم الشركة الوطنية لإنجاز الملاعب بمشروع ضخم لإعادة تأهيل المركب الرياضي بفاس بقيمة 2.645 مليار درهم، كأحد أكبر الأوراش الرياضية وطنياً. وفي السياق ذاته، يشهد مطار فاس–سايس عملية توسعة وتجديد بكلفة 1.5 مليار درهم، لتعزيز مكانته كقطب جوي رئيسي بالجهة.
أما الطاقة، فتُطور الوكالة المغربية للطاقات المستدامة مشروعاً لإنتاج الكهرباء من مصادر متجددة بإقليم تازة بميزانية 800 مليون درهم، بينما تشيّد الوكالة المستقلة لتوزيع الماء بمكناس محطة جديدة لتصفية المياه العادمة بـ 576 مليون درهم، ما يحسن البيئة ويدعم الاستدامة.
ويأخذ ورش السكن حصة مهمة من الاستثمارات، إذ تشتغل مجموعة العمران على مشاريع لإعادة هيكلة الأحياء ومحاربة السكن غير اللائق بميزانية تقارب 658 مليون درهم، فيما يدعم المكتب الوطني للسكنى برنامج تأهيل الأحياء ناقصة التجهيز بـ 796 مليون درهم. ويضاف إلى ذلك مشروع حماية مدينة فاس من الفيضانات بـ 336 مليون درهم، أحد الملفات الأكثر إلحاحاً على المستوى الحضري.
وفي قطاع النقل واللوجستيك، يجري تطوير المنطقة اللوجستيكية رأس الماء على مساحة 32 هكتاراً وبميزانية 275 مليون درهم، ما سيفتح الباب أمام فرص تشغيل جديدة ويعزز انسيابية حركة السلع.
المعطيات المجمّعة ترسم صورة واضحة: الجهة بصدد دخول مرحلة جديدة، عنوانها بنية تحتية بقفزة نوعية، خدمات اجتماعية موسعة، ومشاريع اقتصادية واستراتيجية تؤسس لتنمية متوازنة ومستدامة. إنها ثلاث سنوات ستعيد هندسة المجال الترابي لفاس–مكناس، وتدفعها لتكون أكثر تنافسية وجاذبية على الصعيد الوطني.

