نزار الصالحي.فاس
بينما كانت أشغال إصلاح السقاية بحي قصبة نوار تتقدّم بشكل عادي، حدث ما لم يكن في الحسبان. فبمجرد أن شرع العمال في إزالة الطبقات الإسمنتية المضافة عبر السنين، ظهرت خلف السقاية الحديثة معلمة مائية قديمة، ظلت مختبئة بصمت طويل، وكأنها تنتظر اللحظة التي تعود فيها إلى الضوء مجدداً.
الخبر انتشر بسرعة داخل الحي، وجعل الساكنة تتوافد لمعاينة الاكتشاف. البعض تفاجأ لكون هذه السقاية كانت موجودة أصلاً، فيما استعاد آخرون ذكريات زمن كانت فيه السقايات جزءاً من الحياة اليومية، حيث الماء المتدفق بلا توقف، ولَمّة الأطفال، وحيوية الأزقة.
عودة هذه السقاية المنسية أعادت التذكير بحقيقة يعرفها كل من مرّ من فاس: المدينة ليست جدراناً فقط، بل طبقات من التاريخ المتراكب. وكل عملية ترميم تكشف دائماً عن جزء جديد من ذاكرة لا تنطفئ، وروح مدينة لا تزال تخبئ الكثير من أسرارها.

