حطاب الساعيد.
“هناك من يعرقل التنمية، وهو ما يجب محاربته”
بهذه العبارة الحاسمة، وضع جلالة الملك محمد السادس يده على جوهر الإشكال التنموي الذي تعاني منه عدة مناطق مغربية، وعلى رأسها إقليم خنيفرة.
فمن غير المقبول أن تستمر خنيفرة، بكل ما تملكه من ثروات طبيعية وبشرية، في لعب دور “الخزان” للثروات، بينما تُحرم ساكنتها من الحد الأدنى من ثمارها.
الواقع التنموي في خنيفرة يُظهر تناقضًا صارخًا بين الثروات الموجودة والمستوى المعيشي للسكان، فالمناجم الغنية بالمعادن كمنجم “تيغزا” ومنجم “أگرض نتازولت”، الغنيان بالرصاص والزنك تُستغل من قبل شركات كبرى تُصدر خيراتها إلى خارج الإقليم، بينما لا توجد مصانع تحويلية تُوظف أبناء المنطقة.
الغابات التي تشكل حوالي 50% من مساحة خنيفرة، وتُعتبر من أغنى المناطق المغربية من حيث الغطاء النباتي (أرز، سنديان، صنوبر…)، التي كانت تعتبر يومًا مصدر رزق للسكان، تتحول اليوم إلى موروث بيئي مهدد نتيجة الاستغلال الجائر، ولا تعود عائداتها بشكل عادل على السكان المحليين.
أما المياه الوفيرة فهي تُستخدم لتوليد الكهرباء وتزويد مناطق أخرى، بينما العديد من قرى الإقليم تعاني من نقص مياه الشرب ومرافق صحية وتعليمية متواضعة.
ويبقى السؤال الذي يتردد في الشوارع، و في المقاهي، وفي كل بيت: لماذا لا تنعكس كل هذه الخيرات على ساكنة او ابناء زيان ؟ ومن المستفيد الحقيقي؟
الجواب واضح:
هم شركات مركزية، مصالح إدارية، ومؤسسات وطنية تنقل خيرات خنيفرة إلى خارجها، وتترك للساكنة الفقر، البطالة، وتدهور الخدمات.
إن خطاب الملك حول التنمية ومن يعرقلها في المملكة لم يأتِ من فراغ، فالملك نفسه أدرك أن هناك جهات تعرقل التنمية، سواء عبر البيروقراطية، أو عبر لوبيات اقتصادية، أو من خلال غياب الرؤية التنموية لدى المسؤولين المحليين والمركزيين.
وفي حالة خنيفرة، العرقلة تظهر بوضوح :حيث المشاريع لا ترى النور أو تتوقف في بداياتها،
– ثروات تُستنزف دون أي التزام واضح من الشركات نحو المنطقة،
– قرارات مركزية تُقصي الإقليم من مخططات التنمية الكبرى.
فالسؤال لم يعد فقط: “من يستفيد؟”
بل أصبح: إلى متى تستمر الدولة في تجاهل حق خنيفرة في ثرواتها؟
إن استمرار هذا التجاهل ليس فقط ظلمًا تنمويًا، بل تهديدًا للسلم الاجتماعي والثقة في الدولة.
فإلى متى سيُعامل سكان زيان كإخماسن أو غرباء أو عبيد فوق أرضهم؟
إن إنصاف خنيفرة ليس فقط مطلبًا محليًا، بل اختبار حقيقي لمدى جدية الدولة في تفعيل النموذج التنموي الجديد، ومبدأ العدالة المجالية الذي طالما تم التبشير به من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
فهل تتحرك الدولة؟
أم أن الإهمال سيبقى قدر هذه الأرض الطيبة وأهلها الصابرين؟