يقين 24/حليمة صومعي
دخل مشروع القانون الجديد للتعليم العالي والبحث العلمي رقم 59.24 مرحلة حاسمة بعد أن أحالته الحكومة على البرلمان، وهو يحمل تعديلات عميقة من شأنها إعادة رسم ملامح الجامعة المغربية وتعزيز استقلاليتها في التدبير، إلى جانب فتح آفاق جديدة لتمويل الخدمات الاجتماعية لفائدة الطلبة.
التغييرات التي نصت عليها النسخة النهائية ركزت أساساً على إبعاد رؤساء الجامعات عن اجتماعات مجالس الأمناء، بعدما كانت الصيغة السابقة تمنحهم حق الحضور بصفة استشارية. ويُنتظر من هذا الإجراء أن يعزز استقلالية المجالس ويمنحها صلاحية أوسع في التوجيه والمواكبة والتقييم بعيداً عن تأثير الرئاسة الجامعية. ويضم المجلس في تركيبته شخصيات حكومية وأكاديمية واقتصادية واجتماعية إلى جانب ممثلين عن الأساتذة والأطر الإدارية والطلبة، على أن يتولى رئاسته شخص مشهود له بالكفاءة العلمية والخبرة في التدبير العمومي يتم تعيينه بمرسوم لأربع سنوات قابلة للتجديد.
وبحسب نص المشروع، فإن مجالس الأمناء ستتولى تقديم الرأي في استراتيجيات تطوير الجامعات وبرامج عملها، وتتبع تنفيذ العقود المبرمة مع الدولة، مع رفع تقرير سنوي مفصل إلى رئيس الحكومة يتضمن تقييماً لأداء الجامعات وتوصيات عملية لتعزيز الحكامة والشفافية.
أما على مستوى مجالس الجامعات، فقد حمل النص الجديد تعديلاً يضمن استمرارية عملها حتى في حال تعذر انتخاب ممثلي بعض الفئات داخل الآجال المحددة، وذلك لتفادي أي شلل إداري قد يؤثر على السير العادي للمؤسسات الجامعية.
ومن بين أبرز المستجدات أيضاً توسيع قاعدة تمويل الخدمات الاجتماعية للطلبة، حيث أصبحت الجماعات الترابية مطالبة بالمساهمة المباشرة إلى جانب الدولة في تمويل الإيواء والإطعام والتغطية الصحية والمنح، مع فتح المجال أمام التبرعات والمساهمات المختلفة. ويُرتقب أن يتيح هذا التوجه موارد إضافية لتحسين ظروف الطلبة، مع إيلاء اهتمام خاص بذوي الاحتياجات الخاصة أو الطلبة الذين يواجهون صعوبات اجتماعية.
بهذه التعديلات، يبدو أن الجامعة المغربية مقبلة على مرحلة جديدة تقوم على الاستقلالية والشفافية وتعدد الشركاء في التمويل والتدبير، في أفق بناء منظومة تعليمية أكثر قدرة على مواكبة التحديات الوطنية والرهانات العالمية في مجالات البحث والابتكار.