بقلم: الإعلامي محمد فتاح
في إملشيل، حيث تتنفس الأرض حكاياتها بصمتٍ جبلي، يعود موسم الخطوبة ليُعلن أن الحب، مهما تغيّرت الأزمنة، ما زال يبحث عن صيغة جماعية للاعتراف. هنا، لا يُحتفل بالعاطفة في الخفاء، بل تُنصب الخيام، وتُقرع الطبول، ويُعرض الحب في السوق، كما تُعرض الحلي والحناء، وكأن القلب سلعة تُفحص وتُساوم عليها.
لكن، هل الحب هنا حرٌّ بما يكفي؟ أم أنه محكوم بإيقاع الجماعة، وبسلطة الطقس، وبنظرة الزائر؟
هل يختار القلب، أم يُختار له؟ وهل ما زال للخطوبة معنى حين تُصبح حدثًا سياحيًا يُروّج له في نشرات الأخبار، وتُلتقط له صورٌ أكثر مما تُكتب له قصائد؟
في موسم الخطوبة، يتقاطع التراث مع السوق، وتُصبح الذاكرة الجماعية واجهة تُعرض فيها المنتجات المحلية، وتُنسج القصص على مقاس العدسة. لكن، خلف كل صورة، هناك سؤال لا يُطرح: من يحتفل؟ ومن يُحتفل به؟ ومن يُحتفل لأجله؟ وهل الحب هنا ضيفٌ أم مضيف؟
الخيمة الشعرية، رغم جمالها، تُطرح كزينة لغوية، لا كمساحة مساءلة. القصيدة تُستدعى لتجميل الطقس، لا لتفكيكه. أما الحب، فيُختزل في رقصة، في عقد، في لحظة احتفال، ثم يُترك ليواجه الواقع وحده، بعيدًا عن الأضواء، وعن عدسات الزائرين.
موسم الخطوبة ليس احتفالًا فقط، بل هو مرآة. مرآة لما نريد أن نراه، وما نخشى أن نعترف به. هو مساحة بين القلب والجماعة، بين الطقس والحرية، بين الصورة والحقيقة، بين ما يُقال وما يُكتم.
فهل نحتفل لأننا نحب؟ أم لأننا اعتدنا أن نُحب أن نحتفل؟
وهل يخطب الجبل قلبه، أم يُخطب له؟