بدأت احتجاجات “جيل زد” التي يشهدها المغرب منذ أسابيع تُحدث صدى واسعًا في المشهد السياسي والاقتصادي، بعدما دفعت حكومة عزيز أخنوش إلى مراجعة حساباتها بشأن الزيادة الثانية في أسعار قنينات الغاز، والتي كانت مقررة في إطار خطة رفع الدعم التدريجي عن المواد الأساسية وتقليص نفقات صندوق المقاصة.
ووفق معطيات حصلت عليها يقين 24، فإن الحكومة باتت تتعامل بحذر مع هذا الملف، إذ أصبحت أي زيادة جديدة في سعر الغاز خطوة محفوفة بالمخاطر، من شأنها تأجيج الغضب الشعبي في ظل تدهور القدرة الشرائية وارتفاع تكاليف المعيشة.
وكان الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، قد أكد في وقت سابق أن “الزيادة في أسعار الغاز غير مطروحة حاليًا على طاولة الحكومة”، في تصريح فُسِّر حينها كمحاولة لامتصاص الاحتقان الاجتماعي، خصوصًا بعد تزايد وتيرة الاحتجاجات في عدد من المدن المغربية.
غير أن تصريحات عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، خلال ندوة صحفية أعقبت اجتماع مجلس إدارة البنك، أعادت الملف إلى الواجهة، حين كشف أن السلطات تخطط لرفع سعر قنينة الغاز بـ10 دراهم خلال الفترة ما بين ماي ويونيو 2025، ضمن خطة لتقليص دعم غاز البوتان على مراحل، ما سيرفع السعر تدريجيًا من 53 إلى 73 درهمًا بحلول سنة 2026.
مصادر مهنية في قطاع توزيع الغاز أكدت لـيقين 24 أنها لم تتوصل بأي إشعار رسمي من السلطات بخصوص الزيادة، ما يعزز فرضية تجميد القرار مؤقتًا بسبب تصاعد الغضب الشعبي واحتجاجات “جيل زد” التي أصبحت تمثل ضغطًا سياسيًا متناميًا على الحكومة.
وتشير المعطيات الرسمية إلى أن المغاربة يستهلكون سنويًا حوالي 220 مليون قنينة غاز من حجم 12 كلغ، فيما كانت الحكومة تعتزم تحقيق عائدات تتجاوز 6.6 مليار درهم عبر الرفع التدريجي للأسعار خلال ثلاث سنوات (2024-2026).
لكن ومع استمرار الاحتجاجات واتساع رقعتها، يبدو أن حكومة أخنوش تجد نفسها اليوم أمام خيارين أحلاهما مرّ: المضي في الإصلاحات الاقتصادية غير الشعبية والمخاطرة بمزيد من التوتر الاجتماعي، أو تجميدها مرحليًا لتفادي انفجار الشارع

