يقين 24 ـ متابعة
تُواصل الحكومة المغربية بقيادة عزيز أخنوش اعتمادها على الموارد الجبائية المرتبطة بالمواد الاستهلاكية، وفي مقدمتها الخمور والسجائر، كأحد أهم مصادر تمويل ميزانية الدولة خلال السنة المقبلة.
فبحسب ما جاء في مشروع قانون المالية لسنة 2026، تراهن الحكومة على الرفع من مداخيل الضرائب غير المباشرة المفروضة على التبغ والمشروبات الكحولية، باعتبارها موارد مستقرة نسبيًا وسهلة التحصيل مقارنة بقطاعات أخرى تعرف تقلبات متواصلة.
وتسعى الحكومة، من خلال هذا التوجه، إلى حصر عجز الميزانية في حدود 3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهو الهدف الذي يدخل في إطار التزامات المغرب أمام المؤسسات المالية الدولية وضمان الاستدامة المالية بعد مرحلة صعبة تميزت بتداعيات الجائحة وارتفاع تكاليف تمويل البرامج الاجتماعية والاستثمارية.
وتُظهر الأرقام الواردة في الوثيقة المالية مفارقة لافتة، إذ من المنتظر أن تصل العائدات المتوقعة من الضرائب على التبغ والمشروبات الكحولية إلى حوالي 21.1 مليار درهم، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف أرباح المجمع الشريف للفوسفاط التي لن تتجاوز 7 مليارات درهم.
ويُعزى هذا التفاوت إلى تراجع أداء قطاع الفوسفاط نتيجة الانخفاض الحاد الذي عرفته الأسعار في الأسواق العالمية خلال السنتين الأخيرتين.
غير أن هذا الخيار المالي يثير جدلًا واسعًا بين المراقبين والخبراء، الذين يرون أن الاعتماد المتزايد على الضرائب غير المباشرة يثقل كاهل الفئات محدودة الدخل، لكونها ضرائب تفرض على سلع يستهلكها الجميع بغضّ النظر عن مستواهم المعيشي.
كما يطرح هذا التوجه أسئلة حول مدى استدامة هذا النموذج الجبائي، في ظل ضعف مردودية بعض القطاعات الإنتاجية الكبرى وتباطؤ انتعاش الصادرات المغربية.
وبينما تعتبر الحكومة هذه الإجراءات ضرورية للحفاظ على التوازنات المالية الكبرى، يرى آخرون أن الحل الحقيقي يكمن في تنويع مصادر الدخل العمومي ودعم الاقتصاد المنتج بدل الاعتماد على جيوب المواطنين ومداخيل السلع المضرة بالصحة.

