يقين 24/ حليمة صومعي
أفادت معطيات موثوقة بوجود استنفار واسع داخل وزارة الداخلية، عقب تقارير تفتيش مركزية أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية، رصدت اختلالات مالية مثيرة في تدبير ميزانيات عدد من الجماعات الترابية بمختلف جهات المملكة، من بينها الدار البيضاء–سطات، والرباط–سلا–القنيطرة، وبني ملال–خنيفرة، ومراكش–آسفي.
التقارير ذاتها أبانت عن تضخم غير مبرر في بنود تتعلق بنفقات “الاشتراكات الهاتفية والأنترنيت”، استُغلت لاقتناء أحدث الهواتف الذكية من طرازات راقية مثل “آيفون” و“سامسونغ”، لفائدة رؤساء جماعات ونوابهم وموظفين محليين، بكلفة تتراوح بين 9 آلاف و15 ألف درهم للجهاز الواحد، رغم محدودية الميزانيات المحلية.
كما رُصدت اقتناء حواسيب محمولة فاخرة بأسعار تتراوح بين 4500 و9000 درهم، دون أن تُستعمل في الأغراض الإدارية المخصصة لها، وهو ما اعتُبر دليلاً على ضعف الحكامة وتبديد المال العام، في تجاهل صريح لتعليمات وزير الداخلية الداعية إلى ترشيد النفقات واعتماد التدبير الرشيد.
ولم تتردد بعض السلطات الإقليمية في اتخاذ قرارات حازمة، إذ انتقلت من مرحلة الاستفسار إلى رفض ميزانيات جماعية تمت المصادقة عليها، مع إلزام الجماعات بإعادة النظر في النفقات التشغيلية “غير المبررة”، خاصة تلك المتعلقة بمصاريف الهواتف والتنقلات والتعويضات الزائدة. وقد بادر عامل إقليم برشيد إلى إعادة ثلاث ميزانيات جماعية للمراجعة، بعد اكتشاف رصد اعتمادات بلغت 420 ألف درهم تحت بند “مصاريف الهواتف والأنترنيت”، إلى جانب نفقات أخرى مبالغ فيها تخص الأجور العرضية والوقود.
وفي إطار هذه الدينامية، شدد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، في دورية حديثة، على ضرورة إعداد ميزانيات واقعية تراعي الشفافية والحكامة، وتمنح الأولوية لقطاعات التشغيل والتعليم والصحة، باعتبارها ركائز التنمية البشرية، داعيًا إلى الانتقال من التدبير التقليدي إلى التخطيط المبني على النتائج.
بهذا التحرك الصارم، تؤكد وزارة الداخلية عزمها على وضع حد لمظاهر البذخ وسوء التدبير داخل الجماعات الترابية، وضمان توجيه الموارد المالية نحو المشاريع ذات الأثر المباشر على حياة المواطنين، في خطوة تعزز الثقة في الإدارة وتكرّس مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

