في كل وطن، هناك من يرى السياسة سلّمًا للجاه والمال، وهناك من يراها طريقًا للإصلاح والبناء. والفرق بين الاثنين كالفرق بين من يخدم الناس ومن يستعملهم وسيلة لخدمته.
السياسة ليست لعبة أرقام ولا سباق كراسي، إنها مسؤولية تُمارس بضمير، وفكر، ورؤية. السياسي الحقيقي لا يسعى إلى الضوء، بل يصنع النور. لا يلهث وراء الشهرة، بل يعمل بصمت ليترك أثرًا في حياة الآخرين.
السياسة النبيلة تبدأ من إيمان عميق بأن الوطن أكبر من كل المناصب، وأن كرامة المواطن أهم من كل المكاسب. وهنا يجب أن نتذكّر: لا تنتظر من السياسة أن تُعطيك مالًا، بل عملاً نبيلاً شريفًا تخدم به مصلحة المواطن، ثم مارس السياسة بروح الإصلاح لا بروح المنفعة. لأن من يعتمد على السياسة ليعيش، سيتنازل عنها ليُرضي من يطعمه.
على السياسي أن يعيش بين الناس لا فوقهم، يسمعهم لا يخطب فيهم، يفكر في مستقبلهم لا في انتخابه القادم. السياسة ليست تجارة، بل تربية على الصبر، والإصغاء، والإخلاص.
نحن لا نحتاج إلى مزيد من الوجوه في المكاتب، بل إلى مزيد من القلوب الصادقة في الميدان. السياسة، حين تُمارس بشرف، تُطهّر الحياة العامة، وتمنح الأمل لجيل يبحث عن القدوة لا عن الشعارات.
فلنُعد للسياسة معناها الإنساني الجميل: أن تكون وسيلة للإصلاح، لا وسيلة للثراء. وأن يكون السياسي خادمًا للوطن، لا سيّدًا عليه.

