يقين 24/ حليمة صومعي
في سابقة غير معهودة بفرنسا، قضت محكمة الجنايات في باريس، اليوم الخميس، بسجن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي خمس سنوات، بعد إدانته بتهمة “التآمر الجنائي” في ملف التمويل الليبي لحملته الانتخابية سنة 2007. الحكم، الذي وصفه مراقبون بالتاريخي، اعتُبر صفعة جديدة للرجل الذي قاد الإليزيه بين 2007 و2012، حيث بات أول رئيس فرنسي سابق يواجه عقوبة سالبة للحرية بهذه القسوة.
وبحسب منطوق القرار، فإن ساركوزي “سمح لمقربين منه بالتواصل مع نظام معمر القذافي من أجل محاولة الحصول على دعم مالي غير مشروع”، دون أن تثبت المحكمة أن الأموال الليبية استُخدمت فعلاً في تمويل الحملة. ولم يتوقف زلزال الأحكام عند ساركوزي وحده، فقد أدين اثنان من أبرز مساعديه السابقين، كلود غيان وبريس أورتوفو، بالسجن ست سنوات وسنتين على التوالي بتهم تتعلق بالتآمر الجنائي والفساد، فيما أصدرت المحكمة مذكرة إيداع بحق رجل الأعمال ألكسندر جوهري وحكمت عليه بالسجن ست سنوات. أما إريك وورث، أمين صندوق حملة ساركوزي، فقد تمت تبرئته.
ساركوزي، البالغ من العمر 70 عاماً، وصف الحكم بـ”الخطر الكبير على سيادة القانون”، معتبراً أن ما يتعرض له “مبني على كراهية لا حدود لها”. وأكد أمام الصحافيين أنه سيدخل السجن “مرفوع الرأس لأنه بريء”، معلناً عزمه استئناف الحكم. ويأتي هذا القرار بعد سلسلة من القضايا التي لاحقت الرئيس السابق، منها إدانته سابقاً بالفساد واستغلال النفوذ، وهي قضية اضطر فيها إلى قضاء عقوبة بحمل سوار إلكتروني. كما ينتظر ساركوزي في أكتوبر قرار محكمة التمييز بخصوص طعنه في قضية “بيغماليون” المتعلقة بتمويل حملته الانتخابية لسنة 2012.
ورغم تبرئة ساركوزي من بعض التهم مثل الفساد المباشر وتمويل الحملة بطرق غير قانونية، إلا أن المحكمة شددت على مسؤوليته السياسية والأخلاقية، معتبرة أنه كان “المخطط والمستفيد” من المسار الذي فتح قنوات مشبوهة مع ليبيا. وبهذا، يصبح الحكم محطة فارقة في تاريخ الجمهورية الفرنسية، ورسالة قوية بأن القضاء لا يستثني حتى رؤساء الجمهورية السابقين.