أثار خبر متداول مؤخراً عبر منصات التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية حول توقيف شاب في منطقة جبلية بإقليم أزيلال، موجة من التفاعل والجدل، خصوصاً أن تفاصيله حملت اتهامات خطيرة تم تداولها بصيغة موحدة وبتعبيرات مثيرة، دون أي تأكيد رسمي من الجهات المختصة. هذا التناول الإعلامي، الذي افتقر إلى الدقة والتوازن، كشف مرة أخرى عن هشاشة التعاطي مع الأخبار ذات الحساسية الأمنية، وعن تزايد ظاهرة التشهير بالأشخاص دون سند قانوني أو أخلاقي.
في هذا السياق، خرج المركز المغربي للتكوين والتربية على الإعلام والتواصل ببلاغ رسمي، نبه فيه إلى خطورة الطريقة التي تم بها تناول هذا الخبر، معبّراً عن أسفه العميق لخرق مجموعة من المنابر الإعلامية والمدونين والمواقع الإلكترونية لعدد من المبادئ الأساسية التي تؤطر الممارسة الصحفية، وفي مقدمتها احترام قرينة البراءة وسرية التحقيق، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا تمس الأمن العام. وأكد المركز أن نشر معلومات من هذا النوع، دون أي بلاغ رسمي من المصالح الأمنية أو وزارة الداخلية، لا يمثل فقط إخلالاً بأخلاقيات المهنة، بل يشكل كذلك مساساً خطيراً بسمعة الأفراد ومحيطهم الاجتماعي، وقد يترتب عنه أضرار نفسية ومعنوية يصعب تداركها، حتى في حال ثبوت براءتهم لاحقاً.
البلاغ ذاته أشار بوضوح إلى أن الانجرار وراء السبق الصحفي لا يجب أن يتم على حساب المسؤولية المهنية، داعياً كل الصحافيين والمدونين إلى التريث والتحقق من مصادرهم، وعدم تعميم أخبار غير مؤكدة خصوصاً إذا كانت تمس بالحياة الخاصة للأفراد أو توحي بارتباطهم بتهم جنائية لم تصدر فيها بعد أية قرارات قضائية. كما شدد المركز على أهمية تعزيز التواصل بين الصحافة والسلطات الأمنية، من أجل ضمان ممارسة مهنية متوازنة تسمح بنقل الخبر في إطار من الشفافية والدقة، وتحول دون نشر المغالطات أو المساهمة في نشر الذعر أو الإساءة المجانية للناس.
المركز المغربي للتكوين والتربية على الإعلام والتواصل ختم بلاغه بتجديد التزامه بالدفاع عن إعلام مهني مسؤول، مبني على قواعد البحث والتحري والتقصي، ويحترم الضوابط القانونية والأخلاقية. كما دعا إلى وقفة تأمل حقيقية داخل الجسم الإعلامي، لمواجهة التحديات التي يطرحها الانتشار السريع للمعلومة، وتنامي مناخ التنافس غير المهني على “الترندات”، بما يعيد الثقة للجمهور في وسائل الإعلام ويدعم البناء الديمقراطي القائم على احترام الحقوق والكرامة الإنسانية