تتجه وزارة الداخلية إلى فتح تحقيق موسع حول صفقات مشبوهة لتفويت عقارات تابعة للأملاك الجماعية الخاصة، بيعت بأقل من قيمتها الحقيقية، بعد ورود معطيات تفيد بتورط منتخبين ومسؤولين محليين في تمرير هذه العمليات داخل دورات جماعية عادية واستثنائية، وفق ما أكدته مصادر مطلعة.
وأوضحت المصادر ذاتها أن الإدارة المركزية للداخلية قررت تكليف لجان إقليمية مختلطة تضم ممثلين عن العمالات والوكالات الحضرية والمراكز الجهوية للاستثمار، بالتدقيق في ملفات بيع وتفويت أراضٍ جماعية تمت خلال السنوات الماضية، على أن تشمل المرحلة الأولى جهات الدار البيضاء-سطات، والرباط-سلا-القنيطرة، ومراكش-آسفي.
ووفق المعلومات المتوفرة، فإن هذه اللجان ستنصب مهامها على رصد عمليات بيع عقارات لجماعات محلية تمت بأثمان رمزية لفائدة منتخبين ومنعشين عقاريين وموظفين جماعيين، حيث تم تسجيل حالات تم فيها نقل ملكية بقع أرضية بجماعة الدروة بإقليم برشيد، لفائدة متقاعدين وورثة، بأقل من خمسة دراهم للمتر المربع.
كما ستحقق اللجان في ملفات مشابهة تم خلالها تفويت أراضٍ جماعية لأشخاص نافذين بدعوى تشجيع الاستثمار الفلاحي، دون احترام بنود دفاتر التحملات، ليتبين لاحقاً أن بعض المستفيدين غيروا طبيعة المشاريع إلى تجزئات سكنية بعد إدراج الأراضي ضمن المدارات الحضرية.
مصادر متطابقة كشفت أيضاً أن المفتشية العامة للإدارة الترابية توصلت بعدة شكايات بخصوص صفقات تفويت لم تحترم المساطر القانونية، بعضها تم بشكل مباشر أو عبر “موافقات كتابية” صدرت من مسؤولين محليين دون علم المصالح المركزية، ما أثار شبهات حول دوافع هذه العمليات وأسس تقييمها المالي.
ومن المنتظر أن تمتد مهام التدقيق لتشمل كذلك تفويتات طالت أراضي تابعة لمؤسسات عمومية ومكاتب وطنية، يشتبه في تمريرها بأثمان زهيدة لفائدة مقربين من المجالس السابقة، في غياب الشفافية والتنافسية المطلوبة قانوناً.
في السياق ذاته، كان وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت قد دعا، من خلال تعليمات موجهة إلى الولاة والعمال، إلى التطبيق الصارم لمقتضيات القانون رقم 57.19 المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية، مشدداً على ضرورة تأهيل الأطر المحلية المكلفة بتدبير هذا النوع من الأملاك وتقييدها بالضوابط القانونية والتنظيمية.
وأكدت المصادر أن وزارة الداخلية بصدد اتخاذ إجراءات حازمة لوقف أي محاولات جديدة لتمرير تفويتات بأثمان بخسة، خاصة تلك التي تتعلق بأراضٍ توجد داخل مدارات حضرية جديدة أو مناطق مهيأة لاستثمارات كبرى، في خطوة تروم حماية المال العام وضمان الشفافية في تدبير الملك الجماعي.

