يقين 24 – صلاح الدين الكبير
تعيش جماعة السواكن بإقليم العرائش على وقع استياء متزايد في صفوف الساكنة، بسبب تماطل المجلس الجماعي في القيام بالإصلاحات الميدانية الضرورية التي طال انتظارها، خاصة على مستوى مدخل الجماعة ومركزها، وكذا في ما يتعلق بالمآثر التاريخية التي تزخر بها المنطقة، وفي مقدمتها موقع معركة وادي المخازن الذي يُعدّ أحد أبرز المعالم الوطنية في تاريخ المغرب.
مدخل جماعة السواكن، الذي يُفترض أن يكون واجهة تعكس صورة الجماعة وكرم أهلها، أصبح اليوم عنواناً للفوضى والإهمال ، فالحفر والمطبات العشوائية تملأ الطريق، والإنارة العمومية غائبة أو شبه منعدمة، فيما تغيب أبسط مظاهر التهيئة الحضرية التي من شأنها أن تُحسّن جمالية المكان وتُيسّر حركة المرور سواء للسكان أو الزوار ، ورغم الشكايات المتكررة من المواطنين والفاعلين الجمعويين، فإن المجلس الجماعي يواصل نهج سياسة الصمت والتأجيل، دون تقديم حلول عملية أو جدول زمني واضح للإصلاح.
مركز الجماعة، الذي يُفترض أن يكون القلب النابض للتنمية المحلية، يُعاني بدوره من ضعف البنية التحتية وتدهور المرافق العامة ، والفضاءات العمومية غائبة، والنظافة تكاد تكون مسؤولية فردية للساكنة بدل أن تكون تدبيراً مؤسساتياً منظماً،كل ذلك يعكس غياب رؤية تنموية واضحة لدى المجلس، واكتفاءه بتدبير يومي تقليدي لا يرقى إلى مستوى تطلعات المواطنين عموما و ساكنة دوار السواكن خصوصا.
المفارقة الكبرى أن جماعة السواكن تحتضن أحد أهم المواقع التاريخية في المغرب، وهو موقع معركة وادي المخازن الخالدة التي سطر فيها المغاربة سنة 1578 ملحمة بطولية ضد الغزو البرتغالي ، غير أن هذا الموقع، الذي يمكن أن يكون قاطرة للسياحة التاريخية والثقافية، يعيش اليوم في عزلة تامة، بلا تهيئة ولا لوحات تعريفية ولا أي برنامج لحمايته أو تثمينه ، ويُجمع عدد من الباحثين والمؤرخين المحليين على أن “التقصير في تثمين هذا الموقع يُعدّ إهانة للذاكرة الوطنية، وفرصة ضائعة لتنمية محلية مستدامة”.
و من جهة أخرى ، يطالب سكان السواكن بتحرك عاجل من السلطات الإقليمية والمجالس المنتخبة لوضع حدّ لحالة الجمود التي تعرفها الجماعة، وإطلاق مشاريع إصلاحية تحفظ كرامة الساكنة وتُعيد الاعتبار لتاريخ المنطقة ومؤهلاتها ، كما دعا عدد من النشطاء المحليين إلى تفعيل آليات المراقبة والمساءلة في حق المجلس الحالي، بسبب ما يعتبرونه “تقصيراً واضحاً في أداء مهامه الأساسية” تجاه المواطنين والمجال الترابي الذي يمثلونه.
و يبقى السؤال المطروح اليوم: إلى متى سيستمر مجلس جماعة السواكن و كل المجالس المتعاقبة في تهميش المرافق الحيوية وترك تاريخ الجماعة طيّ الإهمال؟ وهل ستتحرك الجهات المسؤولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل أن تضيع الفرص التنموية وتندثر الذاكرة التاريخية في غفلة من الجميع؟

