حطاب الساعيد
فجع الوسط الإعلامي المغربي يوم السبت 27 شتنبر 2025 بخبر وفاة الإعلامي القدير سعيد الجديدي، أحد أبرز الوجوه التي طبعت تاريخ الصحافة المغربية الناطقة بالإسبانية. وقد شكل رحيله خسارة كبيرة ليس فقط للمجال الإعلامي، بل أيضا للمشهد الثقافي المغربي الذي عرفه مترجما ومثقفا ومؤرخا بصوته وصورته لحقبة مهمة من تطور الإعلام الوطني.
كان الجديدي أول من قدم نشرات الأخبار باللغة الإسبانية في التلفزيون المغربي حيث ساهم في ترسيخ حضور هذه اللغة في الإعلام العمومي، وجعلها جسرا للتواصل مع شريحة واسعة من المغاربة، خاصة في شمال المملكة. امتدت مسيرته المهنية لأكثر من ثلاثة عقود تميزت بالاحترافية والالتزام، وكان خلالها نموذجا للمذيع الهادئ، الرصين، والمثقف الذي لا يكتفي بنقل الخبر بل يحرص على تقديمه في سياق معرفي وثقافي غني.
ورغم هذا العطاء ظل الجديدي مهمشا داخل وطنه، حيث لم يحتف بإرثه كما يليق ولم يستدع لتأطير الأجيال أو تكريمه في حياته، وكأن اللغة التي خدم بها كانت سببا في تجاهله لا مدخلا لتقديره. عاش ومات بصمت تاركا خلفه إرثا إعلاميا وثقافيا يستحق الاعتراف.
نال الراحل تكريما دوليا بارزا سنة 2018 حين منحه ملك إسبانيا فيليب السادس وسام الاستحقاق، اعترافا بدوره في تعزيز العلاقات الثقافية والإعلامية بين المغرب وإسبانيا.
برحيل سعيد الجديدي يطوى فصل من فصول الإعلام المغربي الذي آمن بأن اللغة ليست حاجزا بل وسيلة للتقارب والتفاهم. ويبقى إرثه حيا في ذاكرة من تابعوه وفي كل من تعلم منه أن الإعلام يمكن أن يكون رسالة نبيلة لا مجرد مهنة.