يقين 24
أعاد إطلاق مجلس جهة كلميم وادنون، الذي تترأسه امباركة بوعيدة، لطلب عروض جديد حول خدمات الإطعام والاستقبال بميزانية تناهز 2.5 مليون درهم، الجدلَ حول طريقة صرف موارد الجهة واستعمال بند “التنظيم والاستقبال”، الذي لطالما كان موضوع انتقادات خلال السنوات الماضية. ومن المرتقب فتح أظرفة هذه الصفقة يوم 18 دجنبر المقبل، قبل أسابيع فقط من نهاية السنة المالية.
وبحسب طلب العروض رقم 134/BR/RGON/2025، فإن الصفقة تتعلق بتأمين خدمات الضيافة خلال الأنشطة الرسمية وبرامج الجهة، مع تحديد ضمان مؤقت قدره 40 ألف درهم، وميزانية تتجاوز 2.500.000 درهم. غير أن مراجعة دفتر التحملات تكشف لائحة موسعة من مواد الضيافة، تتجاوز الوجبات العادية لتشمل خدمات متنوعة مثل “البسطيلة” و“لحم الجمل المبخر”، والحلويات الراقية، والمشروبات، إضافة إلى كراء خيام ضخمة تتجاوز مساحتها 150 متراً مربعاً، واقتناء هدايا وتذكارات محلية من قبيل “الملحفة” و“الدرّاعية” وعلب الشاي.
مصادر مطلعة أكدت لـ“يقين 24” أن دفتر التحملات—رغم مطابقته الشكلية للقوانين المنظمة للصفقات العمومية—يعيد طرح الأسئلة نفسها التي أثيرت في دورات سابقة، خاصة وأن نفقات الضيافة تُدرج عادة في حزم مالية كبيرة تُمرَّر في نهاية السنة، خوفاً من عودة الاعتمادات غير المستعملة إلى خزينة الدولة. وتضيف المصادر أن عدداً من هذه الأنشطة “لا تحكمها برامج واضحة أو محاضر رسمية تبرر الحاجة إليها”، ما يجعلها—وفق أحد المنتخبين—“مجالاً واسعاً للتأويل”.
وفي السياق نفسه، انتقد المستشار المعارض إبراهيم حنانة الصفقة الجديدة بشدة، معتبراً أنها “تعيد إنتاج سيناريو تبديد المال العام”. وذكّر بواقعة مشابهة كان قد أثارها قبل عامين وانتهت بمتابعته قضائياً والحكم عليه لفائدة الرئيسة. وكتب في تدوينة: “اليوم نرجع نفضح هاد الصفقة الجديدة… السؤال: لماذا تنتظر الرئيسة نهاية السنة للشروع في هذه الصفقات؟”، متسائلاً أيضاً عن “غياب نشر تقارير المجلس الأعلى للحسابات أو إتاحتها لمنتخبي الجهة”.
في المقابل، تؤكد مصادر من الأغلبية أن الجهة “تنظم بانتظام لقاءات رسمية وورشات ومؤتمرات تستلزم خدمات لوجيستيكية وإطعاماً”، مشددة على أن الصفقة “تمر عبر المساطر القانونية وبوابة الصفقات العمومية، مما يضمن الشفافية والتنافسية”. لكنها تعترف في الوقت ذاته بأن “توقيت الإعلان عنها يمنح للمعارضة مساحة للتأويل السياسي”.
ومن المنتظر أن تكشف جلسة فتح الأظرفة والتقرير اللاحق للجنة تقييم العروض عن حجم المنافسة ومستوى الاستجابة لهذا الطلب، في سياق تتجدد فيه النقاشات حول حكامة تدبير المال العام داخل الجهات، لا سيما في البنود التي يصعب قياسها بدقة مثل خدمات الإطعام والاستقبال.

