يقين 24/ حليمة صومعي
تعيش المنظومة الصحية بإقليم سيدي قاسم على وقع احتقان غير مسبوق، بسبب ما وصفته مصادر نقابية بتصاعد مظاهر “التسلط الإداري والتعسف في استعمال السلطة”، داخل المستشفى الإقليمي، وسط صمت وتواطؤ من المندوبية الإقليمية والمديرية الجهوية، مما فاقم من معاناة الأطر الصحية ودفعها إلى التصعيد.
فقد أعلنت الجامعة الوطنية للصحة (إ.م.ش) بسيدي قاسم عن تنظيم وقفة احتجاجية يوم الخميس 16 أكتوبر 2025 على الساعة الحادية عشرة صباحًا أمام المركز الاستشفائي الإقليمي، تليها مسيرة نحو مندوبية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، رفضًا لما تعتبره “عبثًا إداريًا ممنهجًا” يمس كرامة الشغيلة الصحية ويهدد استقرار القطاع.
وحسب المعطيات التي توصلت بها الجريدة، فإن الأطر الصحية تتهم مدير المستشفى الإقليمي بانتهاج أسلوب استبدادي يقوم على التضييق والترهيب ضد المناضلات والمناضلين النقابيين، بدل فتح قنوات الحوار والتجاوب مع المطالب المهنية المشروعة. كما تسجل النقابة بأسف بالغ “صمت وتواطؤ المسؤولين إقليميًا وجهويًا” مع هذه الممارسات، معتبرة أن هذا السكوت تزكية للوضع القائم.
المحتجون ينددون بما أسموه تمييزًا صارخًا ومحسوبية مقيتة في توزيع المهام والامتيازات داخل المؤسسة الصحية، حيث يُرهق بعض الموظفين بالمهام الشاقة في الوقت الذي ينعم آخرون بما يشبه الريع الإداري في راحة تامة، في غياب العدالة والمساواة المهنية. كما شددوا على ضرورة إشراك جميع ممرضي التخدير والإنعاش في نظام التناوب بالمستشفى وفق المعايير المتفق عليها.
ولم يفت النقابة التنديد بـتفريغ قسم المستعجلات من الأطر التمريضية وإجبار مساعدي العلاج على القيام بمهام لا تدخل ضمن اختصاصهم القانوني، إلى جانب ما تتعرض له القابلات من تكليفات تفوق طاقتهن البشرية والمهنية، مما يعرضهن لضغوط كبيرة ومسؤوليات غير عادلة.
الوضع، وفق المصادر ذاتها، لا يقتصر على المستشفى الإقليمي، بل يمتد إلى المراكز الصحية الحضرية والقروية، التي تعاني من نقص حاد في المواد الطبية والأدوية، وغياب شروط الأمن داخل بعض الوحدات، مع نهج سياسة “ترقيع مفضوحة” وصلت حد إعادة تعقيم الأدوات المستعملة، في استخفاف خطير بصحة المواطنين وسلامتهم.
كما نبهت الأطر الصحية إلى ضرورة احترام المحاضر الموقعة محليًا وإقليميًا وجهويًا باعتبارها وثائق رسمية ملزمة، محذّرة من تحويلها إلى مجرد إجراء شكلي لا أثر له على أرض الواقع. وانتقدت بشدة التستر على ملفات الريع الإداري وإتلاف الملفات الحساسة، إلى جانب فوضى توزيع الموارد البشرية وتدخل أطراف خارج الإدارة في القرارات التنظيمية.
وطالبت النقابة الوزارة الوصية بفتح تحقيق عاجل في الاختلالات المشبوهة التي تطال الصفقات والتعويضات غير المستحقة، وكذا في نظام الإلزامية الطبية الذي قالت إنه “لا يُنفذ على أرض الواقع”، ما يؤدي إلى غياب فئة مهنية معينة عن أداء مهامها، وتحميل فئات أخرى العبء كاملاً، الأمر الذي يُولد احتقانًا واسعًا داخل القطاع.
وختمت الجامعة الوطنية للصحة بسيدي قاسم موقفها بالتأكيد على تحميل المسؤولية الكاملة للإدارة المحلية والمندوبية الإقليمية والمديرية الجهوية فيما آلت إليه الأوضاع، مطالبة الوزارة الوصية بالتدخل الفوري والعاجل لوقف هذا العبث الإداري وضمان بيئة عمل عادلة تحترم كرامة الأطر الصحية.
كما حذّرت من أي محاولة لاستعمال أساليب الترهيب أو البلطجة ضد المحتجين، مؤكدة أن أي استفزاز أو تضييق على المناضلات والمناضلين سيُقابل برد نضالي حازم.


