من جديد، طفا ملف محاربة الفساد إلى سطح النقاش الوطني، عقب اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة عزيز أخنوش برئيس الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، محمد بنعليلو، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لإحياء ورش ظل راكدا لسنوات.
وجاء اللقاء، وفق ما أكدته مصادر مطلعة، لمناقشة السبل الكفيلة بإعطاء نفس جديد للاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وتفعيل أدوار الهيئة الوطنية للنزاهة في تتبع وتنفيذ البرامج الحكومية ذات الصلة بالحكامة الجيدة والشفافية.
لكن هذا التحرك، رغم أهميته الرمزية، لم يقنع عددا من الفاعلين في المجتمع المدني، الذين اعتبروا أن غياب نتائج ملموسة واستمرار الغموض حول مصير الاستراتيجية الوطنية يجعل الخطاب الرسمي حول النزاهة فاقدا للمصداقية.
وتشير المصادر ذاتها إلى أن اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، التي يُفترض أن تكون الإطار التنسيقي الأعلى في هذا المجال، لم تجتمع سوى مرتين منذ تسع سنوات، وهو ما يثير استغراب المتتبعين ويعمق الشكوك حول الإرادة السياسية في معالجة الملف بجدية.
كما عبّرت فعاليات حقوقية عن قلقها من تزايد المؤشرات السلبية المرتبطة بالشفافية والمساءلة، خصوصا بعد تعديلات قانونية حديثة اعتُبرت خطوة إلى الوراء، إذ قلّصت من صلاحيات بعض الهيئات الرقابية، وحدّت من قدرة المجتمع المدني على المراقبة والتتبع.
ويرى مراقبون أن اللقاء الأخير بين أخنوش وبنعليلو جاء في سياق تزايد الضغط الشعبي، وارتفاع الأصوات الشبابية المطالبة بمحاسبة المفسدين، في وقت تعرف فيه الساحة الوطنية موجة نقاشات حول العدالة الاجتماعية وحقوق المواطن في المعلومة والنزاهة.
وتختم المصادر بالتأكيد على أن مستقبل هذا الورش لن يتحدد بالتصريحات أو اللقاءات، بل بمدى التزام الحكومة بتفعيل آليات الرقابة والمساءلة، وإعادة الثقة للمواطنين عبر خطوات عملية تعيد الاعتبار لمبدأ “ربط المسؤولية بالمحاسبة”.

