أسدلت غرفة الجنايات الاستئنافية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، مساء الجمعة الماضي، الستار عن واحدة من أكبر القضايا التي هزت الرأي العام بجهة بني ملال، والتي تورط فيها بارون مخدرات و31 دركياً من مختلف الرتب، إلى جانب وسطاء وموظفين، ضمنهم شرطي واحد. الجلسة الماراثونية خلصت إلى إصدار أحكام استئنافية خففت من العقوبات الابتدائية الصادرة في مارس الماضي بسنة واحدة في معظم الحالات، مع تبرئة الشرطي ودركي آخر كانا قد أدينا سابقاً بعقوبات حبسية نافذة.
المحكمة أدانت بارون المخدرات، المتهم الرئيسي في الملف، بخمس سنوات سجناً نافذاً وغرامة مالية قدرها 50 مليون سنتيم، عوض ست سنوات كانت قد قضت بها المحكمة الابتدائية. كما أصدرت أحكاماً بأربع سنوات حبسا نافذاً وغرامة 40 مليون سنتيم بحق أربعة من معاونيه في ترويج المخدرات، فيما وزعت العقوبات على الدركيين المتورطين بين سنتين وسنة حبسا نافذاً، وصولاً إلى ثمانية أشهر نافذة في حق 20 عنصراً، مع غرامات مالية متفاوتة. خمسة عناصر أخرى استفادت من الاكتفاء بمدة الاعتقال الاحتياطي وغرامات رمزية.
القضية تعود تفاصيلها إلى نحو عامين، حينما تم توقيف البارون المبحوث عنه بموجب عدة مذكرات وطنية، حيث فجر اعترافاته زلزالاً حقيقياً داخل الجهاز الدركي، بعد كشفه عن شبكة واسعة من المتواطئين الذين تلقوا منه رشاوى لسنوات مقابل التغاضي عن أنشطته غير المشروعة في ترويج المخدرات والأقراص المهلوسة ببني ملال ومحيطها. هذه التصريحات دفعت القيادة العليا للدرك الملكي إلى إصدار قرارات توقيف فورية وإعفاءات طالت المسؤولين الجهويين، في خطوة وُصفت بأنها رسالة واضحة لقطع الطريق أمام كل أشكال الفساد داخل المؤسسة.
وتأتي هذه الأحكام في سياق جهود رسمية لتطهير الجهاز الأمني من كل الممارسات التي تمس نزاهته، وإعادة الثقة إلى المواطنين، بعد فضيحة اعتُبرت من أخطر ملفات الاتجار في المخدرات والرشوة التي عرفتها المنطقة، بالنظر إلى عدد المتابعين من رجال السلطة وحجم الشبكة الإجرامية التي تم تفكيكها.