يقين 24 / محمد فتاح
في دورة أكتوبر 2025 الأخيرة لمجلس جماعة ابن أحمد، لم تكن الجلسة مجرد اجتماع عادي لمناقشة شؤون المدينة، بل تحولت إلى انعكاس واضح لأزمة عميقة في طريقة التسيير المحلي. فقد انحرفت النقاشات عن مسارها الطبيعي، وتحولت إلى تبادل اتهامات وصراعات شخصية، وكأن المدينة لم تعد محور الاهتمام بل مجرد ذريعة للخلافات.
الهامش يتحدث داخل المجلس
ما حدث داخل قاعة المجلس لم يكن مجرد حادث عابر، بل كشف عن انفصال واضح بين الخطاب السياسي المحلي واحتياجات المواطنين. بدلاً من أن تكون الدورة فرصة لتقييم المشاريع ومساءلة الأداء واقتراح الحلول، تحولت إلى ساحة لتصفية الحسابات، حيث ارتفعت الأصوات وتبادل الأعضاء الاتهامات، بينما غاب صوت المدينة التي تنتظر من ممثليها حلولاً وليس خصومات.
هل هي أزمة تسيير أم أزمة معنى؟
هذا الوضع يطرح سؤالاً جوهرياً: هل المشكلة تكمن في طريقة التسيير فقط، أم أننا أمام أزمة أعمق تتعلق بفقدان الهدف والمعنى؟ عندما يغيب المشروع الجماعي ويصبح العمل السياسي مجرد ردود فعل انفعالية، يتحول المجلس إلى مجرد هيئة شكلية، وتصبح الجلسات طقوساً فارغة لا تخدم سوى زيادة التهميش.
المواطن بين الحضور والغياب
وسط هذه الصراعات، يبقى المواطن حاضراً في الكلام لكنه غائب عن القرارات الحقيقية. هل تساءل أحد عن أوضاع الأحياء المهمشة؟ عن مشاكل النظافة، الإنارة، أو البنية التحتية؟ أم أن المدينة أصبحت مجرد خلفية لصراعات لا تعكس هموم سكانها؟ ابن أحمد بكل تفاصيلها اليومية تستحق نقاشاً جاداً يركز على الحلول لا على الاستعراضات.
نحو نهج جديد في إدارة المجالس
ما جرى في دورة أكتوبر يجب أن يكون نقطة انطلاق لمراجعة شاملة للخطاب والممارسة والأدوار داخل المجلس. المجالس ليست مجرد منصات للجدل، بل يجب أن تكون فضاءات للاستماع والتخطيط وإعادة الاعتبار للمدينة كمشروع جماعي. ربما حان الوقت لكتابة جديدة للمجالس، كتابة تتجاوز الوصف لتسائل وتؤسس لمرحلة جديدة من العمل الجماعي البناء.

