تتصاعد شكاوى الطلبة وأسرهم بمدينة بني ملال من أزمة خانقة باتت تثقل كاهلهم مع انطلاق كل موسم جامعي. فالسكن الجامعي محدود الطاقة، وأسعار الكراء في ارتفاع صاروخي لا يراعي القدرة الشرائية لا للطلبة ولا للأسر المقيمة بالمدينة.
الطلبة الذين يفدون من مختلف أقاليم الجهة يجدون أنفسهم في مواجهة معادلة صعبة: قاعات دراسية مزدحمة، حافلات مكتظة بلا نظام، وسكن خاص بأسعار مبالغ فيها. أما الأحياء الجامعية القائمة فلا تستطيع استيعاب سوى نسبة ضئيلة من العدد المتزايد للمسجلين، ما يضطر الآلاف إلى اللجوء إلى كراء غرف أو شقق صغيرة، بأثمان تلتهم كل المنح القليلة التي يحصلون عليها.
وإذا كان الطلبة يعيشون ضغطاً مزدوجاً بين تكاليف السكن والنقل، فإن الأسر الملالية بدورها باتت تشتكي من نار الكراء التي لا تميز بين طالب وساكن دائم، مما يجعل الأزمة عامة تتجاوز حدود الجامعة لتصبح معضلة اجتماعية واقتصادية خانقة.
ورغم تكرار النداءات والتحذيرات، يظل التدخل المحتشم من الجهات المعنية غير كافٍ، ما يطرح أسئلة حارقة: إلى متى سيظل السكن الجامعي مجرد ملف ثانوي؟ وإلى متى سيبقى الطلبة في صراع يومي مع الغلاء وغياب النقل المنظم؟ وهل يُعقل أن يظل مستقبل آلاف الطلبة مهدداً بسبب عجز في أبسط شروط التحصيل العلمي؟
إن ما يحتاجه طلبة بني ملال ليس مجرد وعود مؤجلة، بل إجراءات ملموسة وعاجلة، من بينها:
توسيع الأحياء الجامعية وبناء مؤسسات إيواء جديدة تستجيب للأعداد المتزايدة.
مراقبة سوق الكراء ووضع حد للمضاربات التي تستنزف الطلبة وأسرهم.
تحسين خدمات النقل الحضري وتجويدها بما يحفظ كرامة المستعملين.
مراجعة قيمة المنح الجامعية لتتلاءم مع واقع تكاليف المعيشة.
فأزمة السكن والنقل في بني ملال لم تعد مجرد تفاصيل ثانوية في الحياة الطلابية، بل تحولت إلى عائق حقيقي يهدد الحق في التعليم والعدالة الاجتماعية. والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم بإلحاح: إلى متى هذا الإهمال؟