شهدت عمالة إقليم سيدي قاسم مطلع هذا الأسبوع قراراً لوزارة الداخلية يقضي بإعفاء رئيسة قسم العمل الاجتماعي، التي كانت تشرف منذ سنوات على تدبير ملفات المبادرة الوطنية للتنمية البشرية داخل الإقليم. وجاء القرار، وفق مصادر مطلعة، بعد تزايد مؤشرات الاختلال في تدبير مشاريع الدعم الاجتماعي، وتنامي الجدل حول طرق صرف ميزانية المبادرة ومراقبة مسارها.
المسؤولة المعنية، التي كانت تُعتبر لسنوات “اليد العليا” في كل ما يتعلق بملفات المبادرة، وجدت نفسها في قلب عاصفة من التساؤلات بعد بروز معطيات تتعلق بفضيحة تحويل مركب اجتماعي للتكوين وحماية الطفولة إلى فضاء خاص تستغله شركة مملوكة لرئيس جهة سابق، يُقال إنها حولت المرفق العمومي إلى فضاء للأنشطة الترفيهية وإقامة الحفلات.
وتشير المعطيات التي حصلت عليها مصادر محلية إلى أن قرار الإعفاء لم يكن معزولاً عن سياق أوسع، إذ يرتبط بشكل مباشر بما بات يُعرف بفضيحة “بناصا”، التي باشرت بشأنها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية تحقيقات موسعة بأمر من النيابة العامة المختصة. وتشمل التحقيقات مسؤولين آخرين من بينهم المندوب الإقليمي للتعاون الوطني، الذي يُشتبه في تورطه في أداء واجبات كراء المرفق لفائدة أملاك الدولة رغم علمه باستغلاله من طرف الخواص، إضافة إلى تسليم تجهيزات ممولة من المال العام لتلك الشركة دون مسوغ قانوني.
ووفق نفس المصادر، فإن التقارير المرفوعة للجهات القضائية تضمنت تفاصيل دقيقة حول التجهيزات المفقودة، وطريقة تدبير العقود والمصاريف، ما جعل وزارة الداخلية تتحرك بسرعة لإعادة ترتيب البيت الداخلي.
ومن المرتقب أن يعرف الإقليم خلال الأسابيع المقبلة سلسلة تغييرات على مستوى عدد من المصالح الخارجية، بالتزامن مع مباشرة العامل الجديد على الإقليم، عبد العزيز الزروالي، لمهامه رسمياً. وتؤكد مصادر متابعة أن الهدف من هذه الخطوة هو استعادة الثقة في مؤسسات الدولة، ووضع حد لأي تداخل بين المسؤولية الإدارية والمصالح الخاصة، مع الحرص على إبعاد الإدارة الترابية عن نفوذ بعض الأعيان والمنتخبين الذين ظلوا لعقود يتحكمون في مفاصل القرار المحلي.
قرار الإعفاء هذا يُعد، بحسب متابعين، مؤشراً على عودة الحزم في مراقبة المال العام، ورسالة واضحة بأن زمن التساهل مع سوء التدبير قد ولى، وأن وزارة الداخلية عازمة على محاسبة كل من يثبت تورطه في اختلالات أو تلاعب بمشاريع موجهة أصلاً للفئات الهشة والمستضعفة.

