يقين 24 ـ متابعة
عرفت الأيام الأخيرة تداول عدد من الإعلانات الغامضة على شبكات التواصل الاجتماعي، تدّعي تنظيم عمليات جراحية كبرى بالمجان في تخصصات دقيقة مثل جراحة القلب والعيون والغدد، وهي الإعلانات التي أثارت موجة استنكار واسعة داخل الأوساط الطبية المغربية، خاصة بعد توصل عدد من الهيئات النقابية بمعلومات تُفيد بأن هذه العمليات تستهدف المؤمنين في أنظمة التغطية الصحية.
وفي هذا السياق، دعت التنسيقية النقابية للأطباء العامين بالقطاع الخاص وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والهيئة الوطنية للأطباء إلى فتح تحقيق عاجل حول ما وصفته بـ”الإعلانات المشبوهة”، مؤكدة أن هذه الجهات “تتلاعب بثقة المواطنين وتستغل معاناتهم لأهداف تجارية بحتة”.
وأوضح بلاغ للتنسيقية أن هذه الحملات “تتستر وراء شعارات إنسانية لتقديم خدمات طبية مشكوك فيها، دون احترام الضوابط القانونية ولا الأخلاقية للمهنة”، محذّرة من أن مثل هذه الممارسات “تمسّ بصورة الطبيب المغربي وتُهدد سلامة المرضى”.
من جهته، قال شراف لحنش، المنسق الوطني للتنسيقية النقابية للأطباء العامين بالقطاع الخاص، إن هذه الظاهرة “آخذة في التوسع بشكل مقلق”، مبرزاً أن الإعلانات “تستهدف حصراً المستفيدين من التغطية الصحية، وهو ما يكشف أن الهدف الحقيقي ليس المجانية، بل تحصيل مصاريف من صناديق التأمين الصحي بطريقة غير مباشرة”.
وأكد لحنش أن “ما يحدث يدخل في خانة التجارة المقنعة باسم الإنسانية، ومحاولة استنزاف موارد صناديق التأمين”، داعياً إلى تحقيق شامل “لكشف الجهات التي تقف وراء هذه الحملات التي تُسيء إلى سمعة الأطباء بالمغرب”.
في المقابل، اعتبر بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن “هذه الظاهرة جزء من فوضى الإعلانات الرقمية”، مشيراً إلى أن مواقع التواصل أصبحت “منصة مفتوحة للنصب والاحتيال باسم الصحة أو التجميل أو المكملات الغذائية”.
وأضاف الخراطي في تصريح صحفي أن “القانون المغربي واضح في منع الإشهار الكاذب”، مؤكداً أن ما يجري “يدخل ضمن جرائم الاستغلال غير المشروع لجهل المستهلك وضعفه”. وطالب السلطات بـ”تشديد الرقابة على كل المبادرات الصحية التي تُطلق عبر الإنترنت دون ترخيص رسمي من وزارة الصحة”.
ودعا الخراطي المواطنين إلى “عدم الانسياق وراء العروض التي تُقدَّم تحت شعار المجانية أو العمل الإنساني”، مشدداً على ضرورة أن تمر كل الحملات الطبية والتبرعات عبر قنوات رسمية وتحت إشراف وزارة الصحة، “حفاظاً على سلامة المواطن وصوناً لهيبة المهنة”.
وحسب معطيات توصلت بها جريدة يقين 24، فإن عدداً من هذه الإعلانات يروَّج له على صفحات مجهولة المصدر، تستهدف فئات بعينها من حاملي بطاقات التأمين الصحي، ما يعزز فرضية وجود نشاط منظم يستغل ثقة المواطنين ومؤسسات التأمين.
وتبقى هذه الواقعة واحدة من القضايا التي تُعيد إلى الواجهة ضرورة تنظيم المجال الصحي الإشهاري بالمغرب، خصوصاً في ظل الانتشار السريع للمحتوى الرقمي غير المراقَب، وتنامي ظاهرة “الطب الافتراضي” الذي يُمارس خارج القانون.

