أحمد زعيم
مع إقتراب دورة أكتوبر بالمجالس الترابية المنتخبة 2025، التي تعتبر أهم محطة سنوية لكونها مخصصة لدراسة مشروع الميزانية والمصادقة عليها، تعود إلى الواجهة مطالب ملحة بضرورة ضمان شفافية أشغال هذه الدورات، بإعتبارها إلزامية وحاسمة ماليا وسياسيا، وتُفتح في وجه العموم لمتابعة تدبير الموارد ومساءلة الرؤساء حول الأولويات التنموية والخدماتية للسنة المقبلة.
غير أن عددا من الفعاليات الحقوقية والإعلامية والمتتبعين المحليين بإقليم الفقيه بن صالح نددوا بإستمرار إغلاق بعض المجالس لدوراتها في وجه المواطنين، وجمعيات المجتمع المدني والإعلام، طيلة مدة الولاية الإنتدابية، معتبرين أن ذلك يشكل خرقا صارخا لمبدأ الشفافية والمشاركة الديمقراطية. وأكدوا أن حضور العموم يعد حقا أصيلا يتيح للناخبين مراقبة من يمثلهم، والإطلاع على مواقف الأعضاء بين من يدافع عن المصلحة العامة ومن يساوم أو يصوت بدافع المصلحة الخاصة.
ودعت هذه الفعاليات إلى إلزام جميع المجالس الجماعية بفتح أبوابها أمام العموم ونقل جلساتها مباشرة عبر صفحاتها الرسمية، وعبر مواقع التواصل الإجتماعي بما يعزز ثقة المواطنين ويضمن شفافية القرارات. كما طالبت السلطات الوصية بإتخاذ إجراءات قانونية ضد كل من يعرقل أو يمنع إنعقاد الدورات في ظروف عادية.
وفي المقابل، كسرت بعض المجالس بإقليم الفقيه بن صالح هذه القاعدة، بعد تجديد وجوهها بأعضاء جدد أبدوا إنفتاحا أكبر على المواطنين، في خطوة وُصفت بالجريئة لتمكين الساكنة من متابعة النقاشات عن قرب ومعرفة من يترافع عن الشأن العام، ومن يلتزم الصمت أو يكتفي برفع اليد دون إدراك لطبيعة القضايا المعروضة.
وتزداد أهمية هذه المطالب في ظل العد التنازلي للانتخابات التشريعية لسنة 2026، خاصة بعد توجيه وزارة الداخلية تعليمات صارمة للعمال والولاة بإعداد تقارير دقيقة حول علاقة رجال السلطة برؤساء الجماعات والبرلمانيين، وتزويد المصالح المركزية بلائحة أولية للمرشحين المحتملين. خطوة يراها مراقبون إشارة واضحة على التزام الدولة بضمان حياد الإدارة الترابية ومنع أي انحياز أو استغلال للنفوذ، في إطار مقاربة إستباقية لتعزيز مصداقية العملية الإنتخابية.
ويبقى السؤال المطروح اليوم: هل ستشمل هذه التوجيهات أيضا المجالس المنتخبة على المستويات المحلية والإقليمية والجهوية، بما يفرض عليها فتح الدورات والتخلي عن سرية الإجتماعات تكريسا للشفافية وثقافة المساءلة؟