في سياق اجتماعي مهني محتقن، انعقد يوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025، لقاء مهم جمع بين وزير الصحة والحماية الاجتماعية والجامعة الوطنية للصحة المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، بحضور الطاقم الإداري والاستشاري للوزارة. اللقاء الذي جاء بدعوة من الوزارة، شكل محطة جديدة في مسار الحوار القطاعي الذي طال انتظاره، بالنظر إلى تراكم الملفات المطلبية وتعقيدات الوضع داخل المنظومة الصحية.
الاجتماع، الذي وُصف بـ”الصريح والمسؤول”، عرف نقاشاً معمقاً حول مختلف القضايا المشتركة والفئوية التي تهم نساء ورجال الصحة، في ظل ما يعيشه القطاع من توترات واحتجاجات متواصلة تعكس حجم الإكراهات البنيوية والمطالب الاجتماعية والمهنية المتزايدة.
وفي هذا الإطار، عبّرت الجامعة الوطنية للصحة (إ.م.ش) عن رفضها القاطع لقرارات التوقيف التي طالت عدداً من الأطر الصحية بأكادير، معتبرة إياها قرارات “تعسفية” صدرت بناءً على تقارير تنظيمية “غير منصفة” حرمت المعنيين من حقهم في الاطلاع وإبداء الملاحظات قبل إصدار الصيغ النهائية للتقارير. وأكدت الجامعة أن تحميل الموقوفين مسؤولية اختلالات بنيوية في المنظومة الصحية “إدانة مسبقة” للمهنيين، مطالبة الوزير بالتراجع الفوري عن هذه القرارات وإنصاف المتضررين.
وفي المقابل، دعت الجامعة إلى مصالحة عاجلة بين مهنيي الصحة ومنظومتهم لإعادة بناء الثقة المفقودة، معتبرة أن ذلك هو السبيل لاسترجاع مصداقية الخدمة الصحية العمومية وتحقيق مصالحة المواطن مع مؤسساته الصحية.
كما نوهت الجامعة بالجهود التي تبذلها الوزارة لتقوية قدرات القطاع الصحي، لكنها شددت في الوقت ذاته على ضرورة تسريع وتيرة الإصلاح والارتقاء به ليواكب تطلعات المواطنين والعاملين في الميدان على حد سواء.
وخلال اللقاء، جددت الجامعة الوطنية للصحة (إ.م.ش) مجموعة من المطالب التي وصفتها بـ”العادلة والمستعجلة”، أبرزها:
تنفيذ الاتفاقات الموقعة مع الجامعة بتاريخ 29 دجنبر 2023 و26 يناير 2024، بما يضمن تحسين الأوضاع المادية والاعتبارية لكافة فئات الشغيلة الصحية.
تعديل القوانين المؤطرة للمنظومة الصحية الجديدة ومعالجة الاختلالات المسجلة في التجربة النموذجية للمجموعة الصحية الترابية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة.
وقف كل أشكال التضييق على المناضلين النقابيين بعدة أقاليم، وإنهاء الممارسات الانتقامية التي تستهدف ممثلي الاتحاد المغربي للشغل.
تسريع صرف التعويضات المالية العالقة، سواء المتعلقة بالترقيات أو البرامج الصحية أو الحراسة والإلزامية، وإنصاف الفئات المتضررة من تأخر صرف المستحقات.
وقف الالتفاف على الزيادة العامة في أجور الأطر الصحية التي تم اختزالها في مبالغ محدودة لا تعكس حجم التضحيات المبذولة.
إقرار التعويض عن التخصص دون تمييز وصرفه للأطر الطبية والممرضين وتقنيي الصحة دون مزيد من التأجيل.
تحسين شروط الترقي ومراجعة الأنظمة الأساسية لكافة الفئات الصحية، مع الإسراع بإخراج الهيئة الوطنية للممرضين وتقنيي الصحة.
كما شددت الجامعة على ضرورة إيجاد حلول عاجلة لملف الحركة الانتقالية وإنصاف المتضررين من اختلالاتها المتكررة.
وفي ختام اللقاء، وبعد استماع ممثلي الجامعة لعرض وزير الصحة حول التقدم المحرز في الإصلاحات الحكومية والبرامج الاستثمارية الجارية، تم الاتفاق على عقد اجتماع تقني خلال الأسبوع المقبل بين وفد عن الجامعة ومدير الموارد البشرية بالوزارة، قصد تتبع تنفيذ الالتزامات السابقة وتحديد الإجراءات العملية لتسوية الملفات العالقة.
وأكدت الجامعة الوطنية للصحة أن الحوار الجاد والمسؤول هو السبيل الوحيد لبناء قطاع صحي منصف ومستقر، داعية إلى استثمار الحراك المهني الحالي في دعم إصلاح المنظومة بما يضمن كرامة الأطر الصحية وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

