تعيش مدينة القصر الكبير هذه الأيام واحدة من أسوأ أزماتها البيئية، بعدما تحولت أحياؤها وشوارعها إلى مطامر مفتوحة للنفايات، في أعقاب قرار المجلس الجماعي الذي يرأسه الحاج السيمو عن حزب التجمع الوطني للأحرار، فسخ العقد الذي كان يربط الجماعة بالشركة المفوضة لتدبير قطاع النظافة، دون طرح بديل واضح أو خطة انتقالية مدروسة.
القرار، الذي وُصف من قبل فعاليات محلية بـ“المرتجل”، أدخل المدينة في حالة من الفوضى البيئية غير المسبوقة، حيث غزت الروائح الكريهة والحشرات والقوارض مختلف الأحياء، في مشهد أثار موجة غضب عارمة بين السكان، وتحوّل إلى موضوع ساخر ومؤلم في آن واحد على مواقع التواصل الاجتماعي.
مصادر محلية أكدت أن الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات دامت لسنوات، تميزت باضطرابات متكررة في خدمات النظافة بسبب تأخر أجور العمال وغياب المعدات، إضافة إلى تراجع أداء الشركة المفوضة بعد سجن مالكها الرئيسي. ورغم هذه المؤشرات، تقول المصادر، لم يتخذ المجلس الجماعي إجراءات حازمة أو بدائل واقعية، مكتفيًا بتبريرات حول “إكراهات تقنية” و“ظروف قاهرة”، قبل أن يُقدم على فسخ العقد بشكل مفاجئ ودون خطة بديلة.
في خضم هذا الوضع، دخلت فعاليات المجتمع المدني على الخط، محذّرة من تحول المدينة إلى “بؤرة بيئية خطيرة”. ووصفت التنسيقية الجمعوية المحلية لتتبع الشأن العام ما يجري بـ“العبث التدبيري واللامسؤولية السياسية”، معتبرة أن ما يحدث “وصمة عار في جبين المنتخبين المحليين”، وداعية وزير الداخلية إلى التدخل العاجل لإعادة النظام إلى هذا المرفق الحيوي.
في المقابل، برّر بعض أعضاء المجلس قرار الحاج السيمو بكونه “ضرورة قانونية” بعد إخلال الشركة بالتزاماتها، مؤكدين أن الجماعة في طور التعاقد مع شركة جديدة خلال فترة انتقالية تمتد لستة أشهر. غير أن هذه التبريرات لم تُقنع المواطنين الذين يرون أن المجلس تهاون طويلاً في معالجة الأزمة، وأن قراراته “العشوائية” فاقمت الوضع بدل أن تحلّه.
ومع استمرار تكدّس الأزبال في الأزقة والأسواق، تتصاعد المخاوف من انعكاسات صحية وبيئية خطيرة، في وقت يواصل فيه المواطنون نشر صور تظهر حجم الكارثة البيئية، رغم انتقادات بعض نواب الرئيس الذين اتهموهم بـ“الإساءة إلى المدينة”.
في المقابل، ردّ فاعلون جمعويون بأن “الإساءة الحقيقية” تتمثل في عجز المجلس الجماعي عن تدبير أبسط خدمات القرب، معتبرين أن القصر الكبير اليوم تحتاج إلى تدخل مركزي عاجل يعيد الانضباط والمصداقية إلى قطاع حيوي بات عنوانًا للأزمة وسوء التسيير

