حليمة صومعي
تشهد القضية الفلسطينية تحوّلًا غير مسبوق في مسار الاعتراف الدولي، بعدما أعلنت كلٌّ من بريطانيا وكندا وأستراليا، صباح الأحد 21 شتنبر 2025، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، في خطوة منسّقة وذات رمزية عالية قبل انطلاق الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أكد أنّ “اللحظة قد حانت لإحياء أمل السلام وحل الدولتين”، فيما أوضحت أوتاوا أن اعترافها يندرج ضمن جهد دولي مشترك للحفاظ على هذا الحل، بينما قدّمت كانبيرا إعلانها بوصفه انعطافة كبيرة في سياستها الخارجية.
هذا الثلاثي الغربي أضاف زخمًا استثنائيًا إلى موجة الاعترافات التي انطلقت في أوروبا منذ 2024، حين بادرت إسبانيا وإيرلندا والنرويج بالخطوة نفسها بشكل متزامن، تبعتها سلوفينيا وأرمينيا ودول من الكاريبي وآسيا، وصولًا إلى إعلان فرنسا عزمها تثبيت الاعتراف خلال اجتماعات الأمم المتحدة الحالية، فيما أكدت البرتغال أنها ستصدر اعترافها رسميًا اليوم.
وبذلك، أصبح نحو 150 بلدًا حول العالم، أي ما يقارب ثلاثة أرباع أعضاء الأمم المتحدة، يعترفون بدولة فلسطين، مع توقعات بارتفاع العدد قريبًا.
المحللون وصفوا اعتراف بريطانيا بأنه تحول تاريخي، إذ لطالما ربطت لندن الاعتراف بنتائج المفاوضات النهائية، أما الآن فهي تعتبره أداة لإعادة التوازن للعملية السياسية. كندا وأستراليا بدورهما شددتا على أن الاعتراف ليس مكافأة لأي طرف مسلح، بل محاولة لإنقاذ ما تبقى من أفق لحل الدولتين بعد حرب غزة وتوسع الاستيطان في الضفة.
على المستوى الأوروبي، يُنتظر أن تساهم اعترافات لندن وباريس ولشبونة في تكوين موقف أكثر انسجامًا داخل الاتحاد الأوروبي، ما قد يترجم إلى رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني وتوسيع التعاون الثنائي ودعم تحركات فلسطين في المحافل الدولية، رغم استمرار العقبات بمجلس الأمن.
ويرى مراقبون أن الأثر الميداني لهذه الخطوة يبقى مرهونًا بوقف إطلاق نار دائم في غزة، ووقف سياسة الضم، وإصلاح المؤسسات الفلسطينية بما يتيح إجراء انتخابات، وهي نقاط تكررت في البيانات الحكومية.
الاعتراف الغربي بدولة فلسطين لم يعد إذن مجرد فكرة مؤجلة، بل تحوّل إلى واقع سياسي وقانوني يفرض نفسه داخل أبرز العواصم، فاتحًا نافذة جديدة قد تُعيد رسم المسار السياسي إذا ما أُرفق بمفاوضات جدية وضمانات دولية واضحة.