عزيز أخواض
في أجواء احتفالية غمرتها الفروسية الأصيلة وروح الانتماء للوطن، أهدت سربة المقدم عبد الغني بن حدة، ابن جماعة بئر مزوي بإقليم خريبكة، جهة بني ملال خنيفرة تتويجاً تاريخياً بإحرازها الجائزة الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس للتبوريدة، ضمن فعاليات الدورة السادسة عشرة لمعرض الفرس بمدينة الجديدة، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
وجاء هذا الفوز المستحق بعد منافسة قوية بين ثماني عشرة سربة تمثل مختلف جهات المملكة، حيث تميز أداء فرسان بن حدة بانسجامهم البديع ودقة حركاتهم الجماعية وجودة تنسيقهم في الطلقات النارية، وهو ما مكنهم من نيل إعجاب لجنة التحكيم التي منحتهم أعلى معدل في الدورة، متفوقين على سربات ذات خبرة طويلة في ساحة التبوريدة الوطنية.
وأشرف على حفل التتويج الأمير مولاي عبد الله العلوي، رئيس الجامعة الملكية المغربية للفروسية، بحضور عدد من الشخصيات الرسمية، في مقدمتهم وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة. وتم تسليم الجائزة الكبرى للمقدم الفائز وسط تصفيقات حارة من الجماهير الحاضرة، التي حيّت روح المثابرة والتميز التي طبعت مسار السربة المتوجة.
ويعد هذا الإنجاز محطة مضيئة في مسار المقدم عبد الغني بن حدة، الذي استطاع خلال السنوات الأخيرة أن يبصم على حضور قوي في ميدان الفروسية التقليدية، مستلهماً عشقه للتبوريدة من والده الحاج العربي بن حدة، أحد رواد هذا الفن العريق بمنطقة بئر مزوي. وقد تمكن المقدم بن حدة من تكوين سربة متماسكة تضم نخبة من الفرسان الشباب الذين جمعوا بين الحماس والخبرة، وحرص على تدريبهم وفق القواعد الدقيقة لفن الفروسية المغربية الأصيلة، في توازن بين روح التراث ومتطلبات التنافس العصري.
كما أن منطقة بئر مزوي، التي أنجبت هذا البطل، ظلت على الدوام منبعاً لفرسان التبوريدة ومهداً لتقاليد الفروسية المغربية، إذ تشكل الفرس والعلفة والطلقات النارية جزءاً من الذاكرة الجماعية للمنطقة وسمة من سمات كرمها وشهامتها.
وليس تتويج سربة بن حدة سوى تتويجٍ لثقافةٍ جماعيةٍ راسخةٍ في وجدان أبناء بئر مزوي، الذين يرون في الفروسية عنواناً للرجولة والفخر والانتماء. وقد برهن هذا الإنجاز أن العزيمة والالتزام قادران على إيصال أبناء القرى والمناطق النائية إلى قمم التميز الوطني.
إن الجائزة الكبرى لصاحب الجلالة الملك محمد السادس للتبوريدة ليست مجرد تكريم لمهارة الفارس وسرعة جواده، بل هي قبل كل شي احتفاء بروح الأصالة المغربية التي تجمع بين التاريخ والفن والانضباط. وفي هذا السياق، جسدت سربة عبد الغني بن حدة نموذجاً مشرفاً لما يمكن أن يقدمه أبناء جهة بني ملال خنيفرة من إبداع وتميز حين تتلاقى الإرادة والعشق للوطن.
وبهذا التتويج، كتبت بئر مزوي صفحة جديدة في سجل الفروسية المغربية، وأثبتت أن المجد لا يُصنع في المدن الكبرى فقط، بل في القرى التي تنبض بصدق الانتماء وعبق الأصالة.