حطاب الساعيد
في بوتفردة، إقليم بني ملال، دائرة أغبالة ، لا يحتاج المواطن إلى تقرير إداري لفهم حجم الإهمال، فالمشهد وحده كاف: نساء يلدن في الطرقات، بيوت متهالكة تنتظر رخصا لا تأتي، وملفات حبيسة رفوف الوكالة الحضرية.
الجهات المسؤولة وعدت، بل ووقعت التزامات بتبسيط المساطر الإدارية للبناء، بعد اجتماع رسمي ببني ملال لكنها اليوم تتعامل مع هذه الالتزامات وكأنها لا تعني شيئا، تاركة السكان في مواجهة البيروقراطية القاسية وحدهم.
المؤلم أن هذا التخاذل يحدث في وقت يؤكد فيه الملك محمد السادس، في أكثر من مناسبة، أن خدمة المواطن وتبسيط المساطر ليست منّة من الإدارة، بل واجب وطني، وأن الإصلاح الحقيقي يبدأ من تمكين المواطن من حقوقه الإدارية بسهولة وشفافية. ففي خطاب العرش لسنة 2025، شدد الملك على أن “المغرب لا ينبغي اليوم ولا غدا أن يسير بسرعتين: فئة تنعم بالخدمات والفرص، وأخرى تكابد المشاق من أجل الحصول على أبسط الحقوق”.
لكن في بوتفردة، يبدو أن الواقع يسير بسرعتين حقا: سرعة القرارات التي تلتقط في الصور وتسجل في المحاضر، وسرعة التنفيذ البطيئة التي تكاد تتوقف عند حدود الوعود.
هذا التجاهل لا يسيء فقط لسكان بوتفردة، بل يضرب في العمق صورة الدولة، ويزرع في النفوس شعورا بالغبن، ويبعث برسالة خطيرة للمواطن: صوتك ومعاناتك ليسا أولوية، حتى لو جاء في خطاب ملكي أن الإدارة في خدمة المواطن.