يقين 24/ حليمة صومعي
أظهرت معطيات جديدة واردة في تقرير حديث لوحدة العمليات المركزية التابعة للحرس المدني الإسباني خيوط قضية معقدة تمتد خارج التراب الإسباني لتصل إلى المغرب، في إطار تحقيق واسع حول شبكة يُشتبه في تدخلها غير المشروع لتوجيه مشاريع عمومية لفائدة شركات خاصة مقابل عمولات.
وبحسب ما نقلته الصحافة الإسبانية، فإن التحقيقات تدور حول الأنشطة المشبوهة لسانتوس سيردان، القيادي السابق في الحزب الاشتراكي والموقوف حالياً، والذي يُعتقد أنه استغل نفوذه داخل وزارة النقل خلال فترة تولّي خوسيه لويس أبالوس الوزارة، من أجل التأثير على منح صفقات حسّاسة داخل إسبانيا وخارجها.
وتشير الوثائق التي اعتمد عليها المحققون إلى أن سيردان استغل زيارة رسمية إلى المغرب مطلع 2019، حيث رافق الوفد الإسباني رغم عدم توفره على أي صفة حكومية، بهدف الترويج لمصالح شركة Acciona الساعية إلى الظفر بمشروع بناء ميناء القنيطرة الصناعي. وتكشف المعطيات أن وجوده ضمن الوفد كان مدبّراً بعناية.
كما أرسل سيردان، أواخر 2018، رسائل نصية إلى مستشار الوزير أبالوس، تضمّنت صوراً وأسماء وزيرَي حكومة سعد الدين العثماني آنذاك: عبد القادر عمارة، وزير التجهيز والنقل، وعزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن، مشيراً إلى أن أحدهما “موثوق”، ومرفقاً الرسائل بأرقامهما الهاتفية، مع دعوة للتواصل معهما خلال الزيارة للضغط باتجاه منح “Acciona” الصفقة.
في المقابل، تكشف مراسلات داخلية بين سيردان وشريكه في شركة Servinabar أن الشركة الإسبانية كانت تطمح منذ 2018 إلى دفع الرباط نحو التفاوض المباشر، لكن محاولاتها لم تُثمر رداً رسمياً. ومع اقتراب موعد الزيارة، تكثّفت تحركات سيردان، حيث طالب بالحصول على برنامج تحركات الوزير الإسباني في المغرب، وأصدر تعليمات صريحة لضمان مشاركته ضمن الوفد.
وتظهر التحقيقات أن شركتي Acciona وServinabar وقّعتا، قبل أيام فقط من الزيارة، مذكرة تفاهم لتقاسم العائدات المحتملة للمشروع مقابل عمولة بلغت 2%، وهو الأسلوب نفسه الذي استخدمته الشبكة داخل إسبانيا. كما تؤكد صور متداولة حضور سيردان اجتماعات رسمية إلى جانب الوزير أبالوس ومترجمة خاصة.
وبعد العودة إلى مدريد، تواصلت محاولات التأثير، حيث أظهرت تسجيلات صوتية ورسائل مستخرجة من هواتف المتورطين أن سيردان ظلّ متشبثاً بمتابعة الملف رغم عدم حمله أي صفة رسمية تخوله التدخل.
ويخلص تقرير الحرس المدني إلى أن إصرار سيردان على اختراق الوفد الرسمي الإسباني يعكس تورطه في شبكة منظّمة تحترف استغلال النفوذ داخل وزارة النقل لتوجيه مشاريع عمومية، سواء داخل إسبانيا أو في الخارج، وسط معطيات عن اهتمام مماثل بمشاريع في الغابون، ما يبرز الطابع العابر للحدود لهذه الشبكة.

