تشهد الساحة السياسية الوطنية في الآونة الأخيرة حراكاً غير مسبوق مع تصاعد موجة الاحتجاجات الشبابية التي قادتها حركة «جيل Z»، ما دفع الأحزاب السياسية إلى التحرك السريع لتنظيم لقاءات تواصلية مع الشباب، بهدف مناقشة القضايا الاجتماعية التي رفعتها الحركة في احتجاجاتها الأخيرة بمختلف المدن، وعلى رأسها الصحة، التشغيل، والتعليم.
وفي تفاعل مباشر مع هذا الحراك، أعلنت الأكاديمية الاستقلالية للشباب عن إطلاق مبادرة جديدة تحت مسمى «فريق عمل جيل Z»، وهي عبارة عن سلسلة من المشاورات تجمع أكثر من 200 شابة وشاب من «جيل Z» إلى جانب أعضاء الأكاديمية، قصد بلورة حلول عملية لأربع قضايا وطنية كبرى: الصحة، التعليم، التكوين والتشغيل، وآليات ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وسيتم تنظيم هذه المشاورات حضورياً وافتراضياً عبر منصة «Discord»، ضمن لجان موضوعاتية تجمع الشباب المشاركين، بينهم عدد ممن شاركوا في الوقفات الاحتجاجية السلمية يومي 27 و28 شتنبر 2025.
كما أطلقت الأكاديمية، التي تعد الذراع الفكري للشباب داخل حزب الاستقلال، مبادرة ثانية تحت عنوان «الميكروفون المفتوح للشباب»، لتمكين الشباب من التعبير الحر والمباشر عن آرائهم، عبر جلسات حوارية مفتوحة تعقبها ورشات للعصف الذهني بأسلوب مشابه لـ«الترويكا الاستشارية». وتأتي هذه الخطوة بشراكة مع رابطة المهندسين الاستقلاليين لتوفير الدعم التقني اللازم لتفعيل التوصيات والمخرجات الميدانية.
مدينة سلا كانت خلال الأيام الأخيرة مسرحاً لهذا الحراك الشبابي والسياسي، حيث تحولت المطالب الاجتماعية إلى محور رئيسي في خطابات أحزاب الأغلبية، التي تسعى إلى استعادة ثقة الشباب في أفق الاستحقاقات التشريعية المقبلة.
وفي هذا الإطار، نظم حزب الأصالة والمعاصرة لقاءً مفتوحاً بالمدينة، ترأسه القيادي رشيد العبدي، بمشاركة عدد من الفاعلين المحليين وممثلي الشبيبات الحزبية. اللقاء شكل فرصة لتقديم مقترحات الحزب بشأن القضايا الاجتماعية الملحة، في محاولة للاقتراب من نبض الشارع.
وفي المقابل، دخل حزب التجمع الوطني للأحرار على خط التنافس السياسي هو الآخر، من خلال لقاء مماثل ترأسه نور الدين لزرق، وعرف حضوراً شبابياً واسعاً، ركز على عرض حصيلة الحكومة في مجالات الصحة والتعليم والتشغيل.
وأكد لزرق أن انخراط الشباب في العمل السياسي هو السبيل الأنجع لترجمة المطالب الاجتماعية إلى سياسات واقعية، مبرزاً أن حزبه يضع الشباب في صلب استراتيجيته التنظيمية والتواصلية، عبر برامج تكوين وتأهيل موجهة لهذه الفئة.
غير أن مصادر محلية اعتبرت هذا الحراك السياسي «سباقاً انتخابياً أكثر منه تفاعلاً حقيقياً مع غضب الشارع»، موضحة أن احتجاجات «جيل Z» كشفت عن فجوة متزايدة بين العمل السياسي التقليدي وتطلعات الأجيال الجديدة.
وأضافت المصادر أن مطالب الحركة لم تقتصر على الجانب الاجتماعي أو الاقتصادي، بل وجهت انتقادات مباشرة للأداء الحزبي والوساطة السياسية، معتبرة أن فقدان الثقة في المؤسسات هو ما يدفع الأحزاب اليوم إلى محاولة إعادة بناء جسور التواصل مع الشباب، بخطاب أقرب إلى لغتهم، ووعود أكثر واقعية ومصداقية.

