يقين 24: حليمة صومعي
كشفت وزارة العدل عن توجه أكثر حزما للحد من ظاهرة تزويج القاصرات وما يعرف في بعض المناطق بزواج «الكونطرا»، في إطار إصلاحات تشريعية وإجراءات عملية تستهدف تضييق الخناق على هذه الممارسات التي لا تزال منتشرة خصوصا في الوسط القروي.
وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، أوضح أن الأرقام المسجلة خلال السنوات الأخيرة تؤكد منحىً تنازلياً لزواج القاصرات، إذ تراجع عدد العقود المبرمة من 26 ألفا و298 عقدا سنة 2017 إلى أقل من 9 آلاف سنة 2024. غير أن الظاهرة ما تزال ترتبط بالمناطق الهشة اجتماعيا واقتصاديا، حيث تسود التقاليد والأعراف إلى جانب التأويلات الخاطئة للنصوص الدينية.
وأشار الوزير إلى أن الزواج المبكر لا يقتصر ضرره على الفتيات وحدهن، بل يترك آثارا عميقة على المجتمع، من خلال تكريس الفقر والإقصاء من التعليم والتكوين، إلى جانب انعكاساته الصحية والنفسية على الأمهات الصغيرات وأطفالهن.
وفي هذا السياق، شدد وهبي على أن مدونة الأسرة وضعت مساطر دقيقة لحماية من هم دون الثامنة عشرة، من خلال اشتراط إذن قضائي معلل ومبني على تقارير طبية وأبحاث اجتماعية، وهو ما يتيح للقضاة رفض الطلبات التي تفتقد للمبررات أو تهدد مصلحة القاصر.
كما لفت إلى أن الوزارة وجهت مناشير إلى القضاة والمسؤولين القضائيين للتشديد على محاربة زواج «الكونطرا»، والتأكد من توفر جميع الشروط القانونية قبل منح أي إذن استثنائي.
وبخصوص المراجعة المرتقبة لمدونة الأسرة، أوضح وهبي أن المقترحات الجديدة تتجه نحو حصر سن الزواج في 18 سنة كاملة، مع إتاحة استثناء محدود في سن 17 سنة بشروط صارمة، حتى لا يتحول الاستثناء إلى قاعدة عامة.
لكن وهبي أكد أن مواجهة هذه الظاهرة لا تتوقف عند النصوص القانونية، بل تستدعي أيضا تغييرا في العقليات والذهنيات، عبر حملات تحسيسية وتوعوية، موازاة مع الاستثمار في التعليم والتكوين المهني، وتوفير بدائل اقتصادية للأسر التي تدفعها الظروف إلى تزويج بناتها مبكرا.
وختم الوزير بالتأكيد على أن القضاء على هذه الممارسات رهين بتضافر جهود الدولة والمجتمع المدني والأحزاب السياسية، حماية لحقوق الطفولة، وضمانا لمستقبل أكثر إنصافا للفتيات المغربيات.