يقين 24
أحمد زعيم
في مساء يوم الأربعاء 19 نونبر 2025، اكتظت قاعة الإجتماعات الصغيرة بجماعة كريفات بالحضور، رغم ضيقها مقارنة بثقل الإنتظارات التي حملها المواطنون. لم يكن اللقاء التشاوري مجرد محطة رسمية ضمن سلسلة وطنية، بل مناسبة لتقديم مقترحات ملموسة حول إعداد برامج التنمية الترابية المندمجة، بحضور رئيس دائرة الفقيه بن صالح، و قائد قيادة بني عمير، وممثلي العمالة والمصالح اللاممركزة، إلى جانب رئيس الجماعة وبعض أعضاء المجلس وممثلين عن جمعيات المجتمع المدني.
برز منذ البداية أن طموحات الحاضرين تتجاوز النقاش العام إلى المطالبة بقرارات ملموسة. فقد قدمت مقترحات مكتوبة وشفوية واقعية، انطلقت من الإحتياجات اليومية للساكنة، خاصة فيما يتعلق بفرص الشغل المرتبطة بالقطاع الفلاحي، عبر دعم الأنشطة المقتصدة للماء وتشجيع الإستثمار المنتج، وتوجيه رؤوس الأموال إلى مناطق أقل هشاشة مائيا، مع المطالبة بإحداث سوق أسبوعي وسوق لبيع الزيتون ومشتقاته لتنشيط الدورة الاقتصادية المحلية.
كما برزت الحاجة الملحة إلى خدمات صحية لائقة، حيث طالب الحاضرون بإحداث مركز صحي مجهز بالمستعجلات ودار للولادة بدوار جديد، إلى جانب مركز صحي آخر بين القياس وآيت العرب سوسي وأولاد عبدون، وباقي الدواوير مع ضرورة تأهيل المراكز الحالية وتزويدها بالموارد البشرية والمعدات اللازمة، وتقريب الخدمات الإدارية والصحية من المواطنين.
ولم يخف النقاش هموم الساكنة فيما يتعلق بالتعليم والشباب، إذ طرحت ضرورة دعم النقل المدرسي لتفادي الإنقطاع عن الدراسة، وتجهيز المؤسسات التعليمية بوسائل حديثة وأطر كافية، مع توفير فضاءات للشباب كدور الشباب وملاعب القرب.
وشكلت أزمة المياه محورا حساسا، نظراً لواقع الإستنزاف والجفاف الذي يهدد المنطقة. وطالب المتدخلون بإحداث لجنة محلية لمراقبة أعماق الآبار والتصدي للحفر غير القانوني وردم الثقوب العشوائية، إضافة إلى حماية الفرشة المائية عبر تنظيم السقي وإعتماد تقنيات مقتصدة للماء ووضع خريطة دقيقة للموارد المائية، مع تشديد الرقابة على الضيعات التي تتجاوز الأعماق القانونية.
أما البنية التحتية فحضرت بقوة، من خلال الدعوة إلى تسريع تزويد منازل بدوار القياس بالكهرباء، وإطلاق مشروع الصرف الصحي بدوار جديد بالنظر لجاهزية الإتفاقية والتمويل، مع تبسيط مساطر إصلاح المنازل المهترئة والسماح بإنشاء حمامات منزلية بشروط صحية، وتأهيل الطرق والمسالك بالدواوير الهشة، ومعالجة أعطاب الإنارة، وتحرير الأراضي السلالية من الإحتلال العشوائي ووضع نظام منصف للكراء يحفظ حقوق السلاليين والسلاليات.
ومع إنتهاء اللقاء، لم يغادر المواطنون القاعة وهم يحملون فقط أوراقا ومذكرات، بل حملوا أملا بأن تتحول هذه المقترحات، سواء المكتوبة أو الشفوية، من نوايا إلى إلتزامات قابلة للتنفيذ، وأن تنتقل الجماعة من مرحلة التشخيص إلى زمن البناء والمتابعة. أمل يتقاطع مع الرؤية الملكية التي تدعو إلى جعل العالم القروي فضاء للإنصاف وفرص التنمية العادلة، وإستعادة الثقة في فعل تنموي لا يسمح بأن تبقى الأولويات معلقة أو مثعثرة .


