في خضم النقاشات السياسية التي أفرزتها احتجاجات ما يُعرف بـ”جيل Z”، برز مطلب إقالة الحكومة باعتباره العنوان الأبرز في الوثيقة المرفوعة إلى الملك. هذا المطلب فتح الباب واسعاً أمام سؤال دستوري حساس: هل يمكن للملك إعفاء رئيس الحكومة مباشرة؟
الجواب لا، فالدستور المغربي لا يخول الملك القيام بذلك بشكل مباشر، لكنه يمنحه أدوات وآليات دستورية تتيح إعادة تشكيل المشهد الحكومي في احترام للتوازن بين السلطات.
من زاوية التحليل الدستوري، هناك ثلاثة سيناريوهات رئيسية:
أولها، استقالة رئيس الحكومة نفسه، وهو ما يعني تلقائياً نهاية ولاية الحكومة برمتها طبقاً للفصل 47. وفي هذه الحالة تستمر الحكومة المستقيلة في تصريف الأمور الجارية إلى حين تعيين أخرى جديدة. هذا المسار يظل الأقرب منطقياً لأنه يزاوج بين احترام النصوص وتفادي أي توتر مؤسساتي.
الخيار الثاني يتمثل في حل البرلمان أو أحد مجلسيه بظهير ملكي، استناداً إلى الفصل 51. هذا الإجراء يفرض استشارة المحكمة الدستورية وإشعار رؤساء المؤسسات الدستورية المعنية، إلى جانب خطاب ملكي يعلن فيه قرار الحل. ويترتب عنه تنظيم انتخابات جديدة خلال شهرين، وهو ما يفتح الطريق أمام إنتاج أغلبية جديدة وحكومة منبثقة عنها.
أما الخيار الثالث فهو ذو طابع سياسي أكثر من كونه مؤسسياً، ويتمثل في إعفاء بعض الوزراء وإعادة تشكيل الفريق الحكومي، بما يبعث برسائل تهدئة للشارع، دون المساس بجوهر التوازن المؤسساتي. هذا الخيار يُعتبر عملياً حين تكون الأزمة مرتبطة بأداء بعض القطاعات لا بالحكومة ككل.
وبجانب هذه البدائل، يظل خيار الانتخابات المبكرة وارداً، خاصة وأن الخطاب الملكي الأخير شدد على ضرورة جاهزية المنظومة الانتخابية قبل نهاية السنة. الإعلان عن انتخابات سابقة لأوانها سيكون مدخلاً لإعادة تشكيل البرلمان وبالتالي الحكومة، بما يمنح المشهد السياسي شرعية جديدة.
الخلاصة أن الدستور المغربي يرسم مساراً واضحاً لاحترام الشرعية المؤسساتية، ويضع الملك في موقع الضامن لاستمرارية الدولة وتوازن السلط. غير أن تفعيل أي من هذه الآليات يبقى رهيناً بحسابات سياسية دقيقة، توازن بين تهدئة الشارع وحماية الاستقرار، وهو ما يجعل المرحلة الحالية اختباراً صعباً لمرونة الدستور وقدرته على الاستجابة للتحولات الاجتماعية المتسارعة.