يقين 24/ حليمة صومعي
توشك لجان التفتيش التابعة للمجالس الجهوية للحسابات في عدد من الجهات، من بينها الدار البيضاء-سطات وفاس-مكناس وبني ملال-خنيفرة، على إنهاء إعداد تقاريرها النهائية بشأن مهام تفتيش شملت جماعات ترابية أبرمت صفقات مع مكاتب دراسات، يُشتبه في أن بعضها تضمن خروقات جسيمة ترتبط بـ”ريع بالمليارات”.
وحسب مصادر مطلعة، فقد رصد قضاة الحسابات خلال هذه المهام غياب المعايير الدقيقة لتقييم العروض التقنية والمالية، وتسجيل تجاوزات في طريقة إبرام الصفقات، حيث تم اعتماد دفاتر تحملات تفتقر إلى الشفافية والوضوح، ما سمح بتمرير عروض غير مؤهلة أو غير مطابقة لمعايير الجودة المطلوبة.
كما كشفت عمليات الافتحاص أن عدداً من الصفقات وُقّعت من دون تحديد دقيق لمخرجات الدراسات أو للآجال الزمنية اللازمة لإنجازها، في حين لم تلتزم مكاتب الدراسات المتعاقدة بالبنود التعاقدية المتعلقة بتتبع الأشغال ومراقبتها، مما نتج عنه ضعف في جودة المشاريع المنجزة وتكرار أخطاء في مراحل التنفيذ.
التقارير المرتقبة أبرزت أيضاً أن بعض الجماعات الترابية أقدمت على إعداد دراسات تقنية لمشاريع لا تتوفر لها ميزانيات مضمونة، وأرسلتها إلى جهات وأقاليم ومؤسسات طلباً للتمويل دون ضمانات فعلية لإنجازها، ما جعل مئات الدراسات تبقى حبراً على ورق.
كما نبه قضاة الحسابات إلى النقص الكبير في الكفاءات والموارد البشرية داخل الجماعات، خاصة القروية منها، وهو ما انعكس سلباً على مراقبة مراحل تنفيذ الصفقات وتتبعها، وساهم في اتساع هامش الأخطاء والتجاوزات الإدارية والمالية.
وتشير نفس المصادر إلى أن التقارير تضم معطيات حساسة حول شبهات تواطؤ بين بعض رؤساء الجماعات ومكاتب دراسات محددة، تم إقحامها في صفقات متعددة دون مراعاة معايير الكفاءة أو احترام قواعد المنافسة، مع وجود مؤشرات على تضارب مصالح واحتكار متكرر للعقود داخل جماعات بعينها.
وتُنتظر نتائج هذه التقارير خلال الأسابيع المقبلة، وسط توقعات بأن تسفر عن قرارات حازمة ومتابعات محتملة بحق المتورطين في “ريع بالدراسات”، الذي استنزف مبالغ ضخمة من المال العام دون أن يترجم إلى مشاريع تنموية حقيقية على أرض الواقع.

