يقين 24/ حليمة صومعي
في مشهد أثار استياءً واسعًا في الأوساط الإعلامية، وجد عمدة فاس نفسه في مواجهة مفتوحة مع الصحافة المحلية والوطنية، بعد تصريحات وُصفت بالمسيئة والمهينة في حق الجسم الصحفي، خلال لقاء رسمي حضره ممثلو عدد من المنابر الإعلامية بالمدينة.
العمدة، الذي بدا في غير ما يليق بمسؤول منتخب، سمح لنفسه بتوجيه عبارات مستفزة حملت في طياتها احتقارًا لمهنة الصحافة واستخفافًا بدورها الرقابي والديمقراطي، وهو ما اعتبرته جمعية الصحفيين الشباب بفاس “انزلاقًا خطيرًا يكشف عن نظرة دونية تجاه الصحافة والإعلام، وعن سوء تقدير لدور الكلمة الحرة في بناء الوطن”.
وفي بيان شديد اللهجة، استنكرت الجمعية “الأسلوب المتعجرف الذي تعامل به العمدة مع نساء ورجال الصحافة”، معتبرة أن “هذه الإهانة لا تمس الأفراد فقط، بل تطعن في كرامة مهنة ناضلت طويلاً من أجل حرية التعبير وحق المواطن في المعلومة”.
وأضاف البيان أن “الصحافة لم تكن يومًا خصمًا لأي مسؤول، بل كانت دائمًا مرآة للمجتمع وصوتًا للحقيقة، وما يجب أن يدركه المسؤولون هو أن احترام الصحافة جزء من احترام الديمقراطية”.
وشددت الجمعية على أنها “لن تسمح بمرور هذا السلوك دون مساءلة أخلاقية وقانونية”، داعية كافة الهيئات النقابية والحقوقية إلى “التصدي لكل محاولات تكميم الأفواه أو الإساءة إلى الإعلاميين”.
من جهته، عبّر عدد من الصحفيين بفاس عن تضامنهم الكامل مع زملائهم الذين تعرضوا للإهانة، مؤكدين أن “الكلمة الحرة لن تُرهبها سلطة المنصب، وأن من يتهرب من أسئلة الصحافة لا يتهرب من الحقيقة”.
ولمن يستهين بالصحافة أو يقلّل من شأنها، نقول:
إن الإعلام ليس تابعًا لأحد، ولا خادمًا لأي سلطة، بل هو سلطة قائمة بذاتها، حارسة للشفافية، حاملة لصوت المواطن، ومواجهة للفساد بكل أشكاله. من يحتقر الصحفي اليوم، إنما يحتقر عين المجتمع التي ترى، ولسانه الذي ينطق، وضميره الذي يرفض الصمت. فالصحافة، مهما حاول البعض تكميمها، ستظل تكتب الحقيقة بالحبر والجرأة، لأن الحق لا يُخاف منه، بل يُحترم.
إن ما حدث بفاس، يفتح مجددًا النقاش حول علاقة المنتخبين بالصحافة، وحول مدى وعي بعض المسؤولين بأن النقد ليس عداوة، بل حق مشروع وواجب مهني. فالصحافة التي تضيء العتمة وتكشف الخلل لا يمكن أن تُهان، لأنها ببساطة صوت الناس وضمير الوطن.

