أحالت رئاسة النيابة العامة، بتاريخ 24 شتنبر 2025، شكاية تقدمت بها الهيئة الوطنية لحماية المال العام والشفافية بالمغرب إلى النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بخصوص ما اعتبرته اختلالات مالية وإدارية خطيرة في تدبير مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بإقليم الجديدة خلال الفترة ما بين 2019 و2022.
وبحسب الشكاية، التي استندت إلى تقرير المفتشية العامة للإدارة الترابية، فإن هذه الاختلالات طالت اعتمادات مالية بلغت حوالي 522,5 مليون درهم، لم يُنفذ منها سوى 269,7 مليون درهم، أي بنسبة 51,4% فقط، وهو ما خلق فجوة كبيرة بين المشاريع المصادق عليها وتلك المنجزة فعلياً على الأرض. التقرير رصد عمليات تلاعب بالفواتير، وتضارب مصالح، واستفادة شخصيات سياسية وجمعوية من أموال المبادرة دون وجه حق.
وكشف التقرير عن تورط منتخبين وموظفين وجمعويين بارزين، من بينهم العامل السابق للجديدة محمد الكروج، ورئيس جماعة مولاي عبد الله، وبرلماني عن الإقليم، ورئيس جمعية APOS، ومدير مهرجان “ملحونيات”، إضافة إلى ابنة رئيس جماعة الجديدة التي استفادت من تجهيزات ممولة لمركز للعلاج الفيزيائي، ومسؤول جمع بين إدارة منصة الشباب والعمل لصالح شركة خاصة صدّرت فواتير بمبالغ مضخمة.
وأوضح التقرير أن جمعية APOS حصلت على مليوني درهم لمشروع غير مؤهل ودون عرضه على اللجنة المختصة، كما استفادت من أزيد من 75 مليون درهم لتنفيذ مشاريع دون المرور عبر طلبات العروض، وهو ما أدى إلى تعثر مشاريع حيوية، مثل المركب الاجتماعي (26,5 مليون درهم) وأسواق القرب (11 مليون درهم).
كما سجل التقرير تحويل مبلغ 150 ألف درهم من الحساب الشخصي لرئيس قسم العمل الاجتماعي إلى حساب الجمعية المذكورة بدعوى المساهمة في مكافحة كورونا، فضلاً عن تعثر 12 مشروعاً لغياب العقارات أو الدراسات، في ظل احتكار مكتب الدراسات BETZA لمعظم الملفات.
الأخطر أن المفتشية العامة رصدت وجود عشرات المشاريع الممولة من المبادرة لا أثر لها على أرض الواقع، ووصفتها بـالمشاريع الوهمية، في حين أحصت أزيد من 1000 ملاحظة تخص خروقات تدبيرية ومالية خلال فترة العامل السابق محمد الكروج، ما دفع الهيئة الحقوقية إلى المطالبة بمتابعة المتورطين بتهم تبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ وتضارب المصالح.