أحمد زعيم
رغم المجهودات الوطنية الضخمة في مجال التعليم الأولي بإعتباره مرآة لتقدم الشعوب وأساس نهضة الأجيال، ما تزال بعض المشاريع تتعثر عند تفاصيل بسيطة، فتحرم الأطفال من حقهم في تعليم يليق بطموحات وطن يستثمر في المستقبل.
قاعة التعليم الأولي بدوار لقياس، جماعة كريفات إقليم الفقيه بن صالح، واحدة من هذه النماذج الصارخة. فقد شُيدت منذ ثلاث سنوات بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وصُرفت عليها أموال طائلة في التصميم والبناء والتجهيز، لتشتغل للعام الثاني على التوالي. غير أن غياب الربط بشبكتي الماء والكهرباء جعل هذا المشروع الحيوي ناقص الفعالية، رغم أن العمود الكهربائي لا يبعد سوى ثلاثة أمتار، فيما تمر شبكة الماء الصالح للشرب بمحاذاة القاعة.
الأسر والساكنة المحلية يتساءلون بمرارة: كيف تُصرف ميزانيات ضخمة على مشاريع حيوية دون متابعة أو مراقبة صارمة تضمن استكمالها؟ وأي جدوى لإستثمارات المبادرة الوطنية إذا تُركت القاعات التربوية دون ماء ولا كهرباء، في وقت يحتاج فيه الأطفال إلى فضاء صحي ونظيف، يواكب متطلبات التعليم الرقمي ويغرس فيهم قيم النظافة والإنضباط وحب المعرفة؟
إن التعليم الأولي ليس رفاهية، بل هو مرحلة حاسمة في بناء شخصية الطفل وتحصينه بالقيم والمعارف التي تؤهله لمواكبة تحديات العصر. لذلك فإن ترك مؤسسة مجهزة وممولة خارج الخدمة الكاملة لا يسيء فقط للتلاميذ وأسرهم، بل يطرح تساؤلات عميقة حول مسؤولية المجالس المنتخبة، والسلطات الوصية، وأجهزة التتبع والمراقبة، في ضمان نجاعة المشاريع الممولة من المال العام.
اليوم، أصبح مطلب ربط قاعة التعليم الأولي بدوار لقياس بالماء والكهرباء قضية ملحة لا تحتمل الإنتظار. فالأطفال والتعليم والصحة ليست تفاصيل ثانوية، بل هي البوصلة الحقيقية لقياس تقدم الشعوب. فهل تتحرك الجهات المعنية لإنقاذ صورة هذه المشاريع من هدر الغايات والأهداف، أم أن الصمت سيظل سيد الموقف؟