يقين 24/ حليمة صومعي
عاد اسم المغرب ليتصدر صفحات جريدة لوموند الفرنسية، وهذه المرة عبر بوابة الصحة العمومية، بعد أن خصصت تقريراً حول وفيات مستشفى الحسن الثاني بأكادير، معتبرةً أن ما وقع “رمز لبلد يسير بسرعتين”. للوهلة الأولى، قد يبدو الأمر محاولة لمناصرة ضحايا الفاجعة، غير أن التمعّن في صياغة التقرير يكشف أكثر من مجرد نقد: يكشف عن نزعة قديمة لدى بعض المنابر الفرنسية لإبراز الصورة القاتمة للمغرب، والتقليل من حجم الإصلاحات التي يشهدها.
فالتقرير ركّز على الجانب المأساوي وحده، مقدّماً المغرب كبلد يتباهى بمشاريعه الاقتصادية بينما يترك مواطنيه يموتون في المستشفيات، متجاهلاً عن قصد أو عن جهل حجم الاستثمارات الضخمة التي رُصدت لإصلاح القطاع الصحي خلال السنوات الأخيرة، والإصلاحات الجارية لإنجاح ورش التغطية الصحية الشاملة. والأدهى أن الصحيفة نفسها لا تتردد في الاحتفاء بالمشاريع الاقتصادية المغربية عندما يتعلق الأمر بمصالح أوروبية أو فرنسية، في خطاب مزدوج يثير الريبة.
إن نبرة لوموند لا تخلو من تحامل واضح، بل تكشف عن حقد قديم بثوب جديد، وكأنها تتعمد اختزال المغرب في أزماته دون الإشارة إلى ديناميته التنموية، متناسية أن البلد أصبح لاعباً محورياً في إفريقيا وشريكاً استراتيجياً لقوى عالمية تتجاوز النفوذ الفرنسي التقليدي.
صحيح أن فاجعة أكادير مؤلمة وصادمة وتستوجب التحقيق والمحاسبة، وهذا ما يطالب به المغاربة أنفسهم، لكن تحويل المأساة إلى ذريعة لتشويه صورة بلد بأكمله لا يخدم الحقيقة ولا الضحايا. النقد المشروع حق، أما التحامل الإعلامي فهو تكريس لصورة نمطية يحاول البعض إلصاقها بالمغرب كلما سنحت الفرصة.
في النهاية، يظل الفرق واضحاً بين صحافة تبحث عن الحقيقة بموضوعية، وصحافة أخرى تبحث عن الإثارة وتصفية الحسابات، وما كتبته لوموند يندرج، للأسف، ضمن الفئة الثانية.