قررت الحكومة الإقليمية لمدريد وضع حدّ لمشاركتها في برنامج تدريس اللغة العربية والثقافة المغربية بالمدارس العمومية، وذلك ابتداءً من الموسم الدراسي 2025/2026، حيث أبلغت وزارة التعليم والتكوين المهني والرياضة الإسبانية بهذا القرار بشكل رسمي ومكتوب، وفق ما أكدته مصادر إعلامية نقلاً عن وزارة التعليم والعلوم والجامعات.
وبرّرت حكومة مدريد هذا الانسحاب بما وصفته بـ”غياب الضمانات الكافية” التي تضمن سير البرنامج في ظروف تربوية ومؤسساتية ملائمة، مشيرة إلى ما اعتبرته “ثغرات ومشاكل متكررة” ظهرت خلال السنوات الأخيرة، ناتجة عن نقص المعلومات وغياب المراقبة، سواء من الجانب الإسباني أو المغربي، رغم كونهما الجهتين الموقعتين على الاتفاق المؤطر لهذا البرنامج.
ومن بين أبرز النقاط التي أثارت قلق حكومة مدريد، مسألة تعيين الأساتذة المغاربة، حيث أوضحت أن المغرب هو الجهة الوحيدة التي تتولى اختيارهم، دون إخضاعهم لأي معايير واضحة باستثناء كونهم موظفين عموميين، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى توفرهم على الكفاءات البيداغوجية والديداكتيكية الضرورية. كما تساءلت السلطات الجهوية عما إذا كان يتم التأكد من تمكن هؤلاء الأساتذة من اللغة الإسبانية، أو ما إذا كانت هناك آليات للتتبع والتقييم للمضامين التي يقومون بتدريسها، ومدى توافقها مع ما هو منصوص عليه في دليل التكوين الخاص بالبرنامج.
وأضافت حكومة مدريد أن بعض الأساتذة الذين التحقوا بالمنطقة لم يتم توفير بنية تحتية ملائمة لهم، مما تسبب في فوضى تنظيمية أثرت على تحديد جداول الحصص ومراكز العمل، حيث تم اللجوء أحياناً إلى ترتيبات شخصية بدل الانطلاق من معايير تربوية ومؤسساتية محددة.
وتأتي هذه الخطوة انسجاماً مع مطلب متكرر لحزب “فوكس” اليميني المتطرف، الذي سبق أن طالب مراراً بوقف البرنامج بدعوى أنه لا يساهم في إدماج التلاميذ من أصول مغربية، بل يُعمّق الهوة الثقافية داخل المجتمع الإسباني. وكانت النائبة عن الحزب، إيزابيل بيريز مونيو، قد دافعت في أبريل الماضي عن مبادرة برلمانية تدعو صراحة إلى إنهاء البرنامج، معتبرة أن استمرار تدريس اللغة العربية والثقافة المغربية يشكل تهديداً لـ”الهوية الوطنية”.
ورغم أن حزب “فوكس” تقدم بمقترح قانون في هذا الشأن، إلا أن عدم دعم حزب الشعب لهذا النص وامتناعه عن التصويت حال دون تمريره، مع أن بعض نوابه دعوا في المقابل إلى إدخال تعديلات على البرنامج بدل إلغائه كلياً.
ويُذكر أن إقليم مدريد كان قد التحق بهذا البرنامج منذ الموسم الدراسي 1994-1995، في إطار رغبة إسبانيا في دعم التعايش الثقافي والتربوي مع الجالية المغربية، إلا أن التراكمات التي سجلتها الحكومة الجهوية خلال السنوات الأخيرة دفعتها إلى إنهاء مشاركتها، معتبرة أن استمرار البرنامج لم يعد ممكناً في ظل “اختلالات بنيوية” تمس جوهره وتحد من فعاليته التربوية