حليمة صومعي
في زمن يُفترض أن يكون فيه مستقبل الشباب أولوية وطنية، يظهر بعض المتنفذين ليحوّلوا مواقعهم إلى أبواب خلفية لتصفية الحسابات وخلق العراقيل، بدلاً من أن يكونوا سنداً لطاقاتٍ واعدة تبحث عن فرصة عادلة. إن أخطر ما يواجهه المجتمع اليوم ليس الفقر وحده، ولا غياب الإمكانيات… بل استغلال السلطة والنفوذ لقطع الطريق أمام أحلام الأبرياء.
لقد بات من المقلق أن تتحوّل الوشايات الكاذبة، والتأثيرات غير المشروعة، وبعض الممارسات داخل الأندية أو المؤسسات، إلى أدوات لعرقلة مسار طفل لا يتجاوز الرابعة عشرة من عمره. طفل لا يملك سوى موهبته، وطموحه، وحلمه بأن يجد مكاناً بسيطاً يثبت فيه نفسه بين أقرانه.
ومع ذلك، يظهر أشخاص اختاروا أن يجعلوا من نفوذهم وسيلة للضغط، ومن مواقعهم غطاءً لتوجيه رسائل خفية، أو تمرير روايات مزيفة، أو ممارسة تأثير يضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص. إن أخطر ما في الأمر أن هذه التصرفات تقتل الطموح قبل أن يزهر، وتُربك مستقبل أطفال لم يرتكبوا سوى أنهم حلموا.
إن المدربين الذين يسمحون للضغوطات أو الحسابات الشخصية أن تتسلل إلى قراراتهم، والمسؤولين الذين يضعون العراقيل بدل توفير الدعم، والسياسيين الذين يستعملون مواقعهم لتصفية حسابات صغيرة… كلّهم يشاركون في صناعة واقع ظالم، لا يليق بدولة تراهن على أجيالها الصاعدة.
ما يحدث اليوم ليس قضية فردية، بل صورة مقلقة لثقافة تضرب في جوهر العدالة. ثقافة تعتبر النفوذ أقوى من القانون، والوشاية أهم من الحقيقة، والظلم أسرع طريق لإسكات الأصوات التي ترفض الانحناء.
لكن الأكيد أن هذه الأساليب لن تُطفئ نور الموهبة، ولن توقف مسار من يؤمن بقضيته وبحق أبنائه في مستقبل كريم. فالزمن كفيل بأن يكشف الحقائق، ويفضح كل من يزرع السموم في طريق الآخرين، وكل من يعتقد أن موقعه يحصّنه من المساءلة أو من حكم التاريخ.
إن حماية الطفولة ليست شعاراً، بل مسؤولية. ومسؤولية الأطر الرياضية، والمؤسسات، والأحزاب، أن تقف إلى جانب الحقيقة، لا إلى جانب النفوذ. فالأوطان تُبنى بالإنصاف، وبالدعم، وبإعطاء الفرصة لمن يستحقها، لا بإغلاق الأبواب في وجه الموهوبين الصغار.
ويبقى السؤال الجوهري:
أي مستقبل نريد أن نصنعه إذا كان بعض الكبار يخافون من نجاح طفل؟
إن مواجهة هذه الممارسات ليست صراعاً شخصياً، بل دفاعاً عن مبدأ، وعن حق كل طفل في أن يحلم دون أن تطاله الأيادي التي اعتادت أن تحوّل النفوذ إلى سيف فوق رقاب الطموحين.
وفي النهاية، سيبقى الحق قائماً مهما اعترضته الأشواك، وستبقى إرادة الآباء والأمهات الذين يدافعون عن أبنائهم أقوى من كل الحسابات الضيقة. فالظلم جولة… أما الحقيقة، فهي المعركة التي لا تخسر.

